البحر المحيط، ج ٢، ص : ٤٤٩
الجمهور مغيب الحشفة للقادر، فإن كان له عذر أو مرض أو سجن أو شبه ذلك، فارتجاعه صحيح، وهي امرأته، وإن زال عذره فأبى الوطء فرق بينهما إن كانت المدة قد انقضت، قاله مالك في (المدونة) و(المبسوط). وقال الحسن، والنخعي، وعكرمة، والأوزاعي :
يجزي المعذور أن يشهد على فيأته بقلبه، وقال النخعي أيضا : يصح الفيء بالقول، والإشهاد فقط، ويسقط حكم الإيلاء إذا رأيت أن لم ينتشر، وقيل : الفيء هو الرضى، وقيل : الرجوع باللسان بكل حال، قاله أبو قلابة، وإبراهيم، ومن قال : إن المولي هو الحالف على مساءة زوجته وقال أحمد : إذا كان له عذر يفيء بقلبه، وقال ابن جبير، وابن المسيب، وطائفة : الفيء لا يكون إلا بالجماع في حال القدرة وغيرها، من سجن أو سفر أو مرض وغيره.
وأمال : فاؤا، جرية بن عائذ لقوله : فئت، وقرأ عبد اللّه فإن فاؤا فيهنّ، وقرأ أبي : فان فاؤا فيها، وروي عنه : فيهنّ، كقراءة عبد اللّه. والضمير عائد على الأشهر، ويؤيد هذه القراءة مذهب أبي حنيفة :
بأن الفيئة لا تكون إلّا في الأشهر، وإن لم يفىء فيها دخل عليه الطلاق من غير أن يوقف بعد مضي الأربعة الأشهر، وإلى هذا ذهب : ابن مسعود، وابن عباس، وعثمان بن عفان، وعلي
، وزيد بن ثابت، وجابر بن زيد، والحسن، ومسروق وقال عمر، وعثمان،
وعلي أيضا، وأبو الدرداء، وابن عمر، وابن عامر المسيب، ومجاهد، وطاووس، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد : إذا انقضت الأربعة الأشهر وقف، فأما قاء وإلا طلق عليه
والقراءة المتواترة : فإن فاؤا بغيرهنّ، ولا فيها، فاحتمل أن يكون التقدير : فإن فاؤا في الأشهر، واحتمل أن يكون : فإن فاؤا بعد انقضائها.
فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ استدل بهذا من قال : إنه إذا فاء المولي ووطأ فلا كفارة عليه في يمينه، وإلى هذا ذهب الحسن، وإبراهيم وذهب الجمهور مالك، وأبو حنيفة، والشافعي، وأصحابهم إلى إيجاب كفارة اليمين على المولي بجماع امرأته، فيكون الغفران هنا إشعارا بإسقاط الإثم بفعل الكفارة، وهو قول علي، وابن عباس، وابن المسيب : إنه غفران الإثم، وعليه كفارة، وعلى المذهب الذي قبله يكون بإسقاط الكفارة، وقال أبو حنيفة : ولا كفارة على العاجز عن الوطء إذا فاء، وقال إسحاق : قال بعض أهل التأويل فيمن حلف على بر أو تقوى، أو باب من أبواب الخير أن لا يفعله أنه يفعله، ولا كفارة عليه، والحجة له، فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ولم يذكر كفارة، وقيل : معنى ذلك غفور لمآثم اليمين، رحيم في ترخيص المخرج منها بالتكفير، قاله ابن زياد، وهو راجع