البحر المحيط، ج ٢، ص : ٥٢٦
عقدها بالإشهاد والولي، وبلوغ الكتاب أجله هو انقضاء العدّة، قاله ابن عباس، ومجاهد، والشعبي، وقتادة، والسدّي. ولم ينقل عن أحد خلافه، بل هو من المحكم المجمع على تأويله بانقضاء العدّة.
والكتاب هنا هو المكتوب أي : حتى يبلغ ما كتب، وأوجب من العدّة أجله أي : وقت انقضائه وقال الزجاج الكتاب هو القرآن، وهو على حذف مضاف، التقدير : حتى يبلغ فرض الكتاب أجله، وهو ما فرض بالكتاب من العدّة، فإذا انقضت العدّة جاز الإقدام على التزوّج، وهذا النهي معناه التحريم، فلو عقد عليها في العدّة فسخ الحاكم النكاح، فإن كان ذلك قبل الدخول بها، فقال عمر، والجمهور : لا يتأبد التحريم. وقال مالك، وابن القاسم، في المدونة : ويكون خاطبا من الخطاب. وحكى ابن الجلاب عن مالك : أنه يتأبد، وإن عقد عليها في العدّة ودخل بعد انقضائها فقولان عن العلماء، قال قوم : يتأبد، وقال قوم : لا يتأبد، والقولان عن مالك، ولو عقد عليها في العدّة، ودخل بها في العدّة، فقال عمر، ومالك، وأصحابه، والأوزاعي، والليث، وأحمد وغيرهم : يتأبد التحريم.
وقال مالك، والليث : ولا تحل له بملك اليمين، وقال علي، وابن مسعود، وإبراهيم، وأبو حنيفة، والشافعي : وعبد العزيز بن أبي سلمة، وجماعة : لا يتأبد، بل يفسخ بينهما، ثم تعتدّ منه ويكون خاطبا من الخطاب.
قال الحسن، وأبو حنيفة، والليث، وأحمد، وإسحاق، والمدنيون غير مالك : تعتدّ من الأوّل، فإذا انقضت العدّة فلا بأس أن يتزوّجها الآخر.
وقال مالك، وأصحاب الرأي، والأوزاعي والثوري : عدّة واحدة تكفيهما جميعا، سواء كانت بالحمل، أم بالأقراء، أم بالأشهر.
وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ قيل : المعنى ما في أنفسكم من هواهنّ، وقيل : من الوفاء والإخلاف، قاله ابن عباس : فاحذروه، الهاء تعود على اللّه تعالى، أي : فاحذروا عقابه.
وقال الزمخشري : يعلم ما في أنفسكم من العزم على ما لا يجوز فاحذروه ولا تعزموا عليه. انتهى. فيحتمل أن تعود في كلام الزمخشري على ما لا يجوز من العزم، أي فاحذور ما لا يجوز ولا تعزموا عليه، فتكون الهاء في : فاحذروه ولا تعزموا عليه، عائدة على شيء واحد، ويحتمل في كلامه أن تعود على اللّه، والهاء في : عليه، على ما لا يجوز، فيختلف