البحر المحيط، ج ٢، ص : ٥٣٣
وقرأ الجمهور : على الموسع، اسم فاعل من أوسع وقرأ أبو حيوة : الموسع، بفتح الواو والسين وتشديدها، اسم مفعول من وسع وقرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وأبو بكر : قدره، بسكوت الدال في الموضعين وقرأ حمزة، والكسائي، وابن عامر، وحفص، ويزيد، وروح : بفتح الدال فيهما، وهما لغتان فصيحتان، بمعنى حكاهما أبو زيد، والأخفش وغيرهما، ومعناه : ما يطيقه الزوج، وعلى أنهما بمعنى واحد أكثر أئمة العربية، وقيل : الساكن مصدر، والمتحرك اسم : كالعدّ والعدد، والمدّ والمدد.
وكان القدر بالتسكين الوسع، يقال : هو ينفق على قدره، أي : وسعه، قال أبو جعفر : وأكثر ما يستعمل بالتحريك إذا كان مساويا للشيء يقال : هذا على قدر هذا.
وقرىء : قدره، بفتح الراء، وجوزوا في نصبه وجهين : أحدهما : أنه انتصب على المعنى، لأن معنى : مَتِّعُوهُنَّ ليؤد كل منكم قدر وسعه. والثاني : على إضمار فعل، التقدير : وأوجبوا على الموسع قدره.
وفي السجاوندي : وقرأ ابن أبي عبلة : قدره، أي قدره اللّه. انتهى. وهذا يظهر أنه قرأ بفتح الدال والراء، فتكون، إذ ذاك فعلا ماضيا، وجعل فيه ضميرا مستكنا يعود على اللّه، وجعل الضمير المنصوب عائدا على الإمتاع الذي يدل عليه قوله : وَمَتِّعُوهُنَّ.
والمعنى : أن اللّه قدّر وكتب الإمتاع على الموسع وعلى المقتر.
وفي الجملة ضمير محذوف تقديره : على الموسع منكم، وقد يقال إن الألف واللام نابت عن الضمير، أي : على موسعكم وعلى مقتركم، وهذه الجملة تحتمل أن تكون مستأنفة بينت حال المطلق في المتعة بالنسبة إلى إيساره وإقتاره، ويحتمل أن تكون في موضع نصب على الحال، وذو الحال هو الضمير المرفوع وفي قوله : وَمَتِّعُوهُنَّ والرابط هو ذلك الضمير المحذوف الذي قدرناه : منكم.
مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ قالوا : انتصب متاعا على المصدر، وتحريره أن المتاع هو ما يمتع به، فهو اسم له، ثم أطلق على المصدر على سبيل المجاز، والعامل فيه وَمَتِّعُوهُنَّ ولو جاء على أصل مصدر وَمَتِّعُوهُنَّ لكان تمتيعا، وكذا قدّره الزمخشري، وجوزوا فيه أن يكون منصوبا على الحال، والعامل فيها ما يتعلق به الجار والمجرور، وصاحب الحال الضمير المستكنّ في ذلك العامل، والتقدير : قدر الموسع يستقرّ عليه في حال كونه متاعا، وبالمعروف يتعلق بقوله : ومتعوهنّ، أو : بمحذوف، فيكون صفة لقوله :