البحر المحيط، ج ٢، ص : ٥٤٩
مقسم صاحب النخعي، وأخذ عنه حماد بن أبي سليمان، ثم أخذ عن حماد أبو حنيفة، وتبعه عليه من بعده من أصحابه.
فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالًا أَوْ رُكْباناً لما ذكر المحافظة على الصلوات، وأمر بالقيام فيها قانتين، كان مما يعرض للمصلين حالة يخافون فيها، فرخص لهم في الصلاة ماشين على الأقدام، وراكبين.
والخوف يشمل الخوف من : عدّو، وسبع، وسيل وغير ذلك، فكل أمر يخاف منه فهو مبيح ما تضمنته الآية هذه.
وقال مالك : يستحب في غير خوف العدو الإعادة في الوقت إن وقع الأمن، وأكثر الفقهاء على تساوي الخوف.
و : رجالا، منصوب على الحال، والعامل محذوف، قالوا تقديره : فصلوا رجالا، ويحسن أن يقدر من لفظ الأول، أي : فحافظوا عليها رجالا، ورجالا جمع راجل، كقائم وقيام، قال تعالى : وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالًا «١» وقال الشاعر :
وبنو غدانة شاخص أبصارهم يمشون تحت بطونهنّ رجالا
والمعنى : ماشين على الأقدام، يقال منه : رجل يرجل رجلا، إذا عدم المركوب، ومشى على قدميه، فهو راجل ورجل ورجل، على وزن رجل مقابل امرأة. وهي لغة أهل الحجاز، يقولون : مشى فلان إلى بيت اللّه حافيا رجلا، ويقال رجلان ورجيل ورجل، قال الشاعر :
عليّ إذا لا قيت ليلى بخلوة أن ازدار بيت اللّه رجلان حافيا
قالوا : ويجمع على : رجال ورجيل ورجالي ورجالى ورجالة ورجالى ورجلان ورجلة ورجلة بفتح الجيم وأرجلة وأراجل وأراجيل قرأ عكرمة، وأبو مجلز : فرجّالا، بضم الراء وتشديد الجيم، وروي عن عكرمة التخفيف مع ضم الراء، وقرىء : فرجلا، بضم الراء وفتح الجيم مشدودة بغير ألف وقرىء : فرجلا، بفتح الراء وسكون الجيم.
وقرأ بديل بن ميسرة : فرجالا فركبانا بالفاء، وهو جمع راكب. قال الفضل : لا يقال راكب إلّا لصاحب الجمل، وأما صاحب الفرس فيقال له فارس، ولراكب الحمار حمّار، ولراكب البغل بغّال، وقيل : الأفصح أن يقال : صاحب بغل، وصاحب حمار.
(١) سورة الحج : ٢٢/ ٢٧.