البحر المحيط، ج ٢، ص : ٧١٩
الإنظار، قاله الضحاك والسدي، وابن زيد، والجمهور. وقيل : وان تصدقوا فالإنظار خير لكم من المطالبة، وهذا ضعيف، لأن الإنظار للمعسر واجب على رب الدين، فالحمل على فائدة جديدة أولى. ولأن : أفعل التفضيل باقية على أصل وصفها، والمراد بالخير :
حصول الثناء الجميل في الدنيا والأجر الجزيل في الآخرة. وقال قتادة : ندبوا إلى أن يتصدقوا برؤوس أموالهم على الغني والفقير.
وقرأ الجمهور : وأن تصدقوا، بإدغام التاء في الصاد، وقرأ عاصم : تصدقوا، بحذف التاء. وفي مصحف عبد اللّه : تتصدقوا، بتاءين وهو الأصل، والإدغام تخفيف. والحذف أكثر تخفيفا.
إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ : يريد العمل، فجعله من لوازم العلم، وقيل : تعلمون فضل التصدق على الإنظار والقبض، وقيل : تعلمون أن ما أمركم به ربكم أصلح لكم.
قيل : آخر آية نزلت آية الربا، قاله عمر، وابن عباس، ويحمل على أنها من آخر ما نزل، لأن الجمهور قالوا : آخر آية نزلت : وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ فقيل : قبل موته بتسع ليال، ثم لم ينزل شيء. وروي : بثلاث ساعات، وقيل : عاش بعدها صلى اللّه عليه وسلم أحدا وثمانين يوما
. وقيل : أحدا وعشرين يوما. وقيل : سبعة أيام. وروي أنه قال :«اجعلوها بين آية الربا وآية الدين»
. وروي أنه قال عليه السلام : جاءني جبريل فقال : اجعلها على رأس مائتين وثمانين آية من البقرة.
وتقدم الكلام على : واتقوا يوما، في قوله : وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي «١».
وقرأ يعقوب، وأبو عمرو : ترجعون، مبنيا للفاعل، وخبر عباس عن أبي عمرو، وقرأ باقي السبعة مبنيا للمفعول وقرأ الحسن : يرجعون، على معنى يرجع جميع الناس، وهو من باب الالتفات. قال ابن جني : كان اللّه تعالى رفق بالمؤمنين عن أن يواجههم بذكر الرجعة إذ هي مما تتفطر له القلوب، فقال لهم : واتقوا، ثم رجع في ذكر الرجعة إلى الغيبة رفقا بهم. انتهى.
وقرأ أبي : تردون، بضم التاء، حكاه عنه ابن عطية. وقال الزمخشري : وقرأ عبد اللّه :
يردون. وقرأ أبي : تصيرون. انتهى.
(١) سورة البقرة : ٢/ ٤٨.