البحر المحيط، ج ٢، ص : ٧٦١
زيدا. هذا في الصناعة هو المفعول، وإن كان أصله : ما أعطيت زيدا شيئا إلّا درهما.
و : ما ضربت أحدا إلّا زيدا.
وقرأ ابن أبي عبلة : إِلَّا وُسْعَها جعله فعلا ماضيا. وأولوه على إضمار : ما، الموصولة، وعلى هذا يكون الموصول المفعول الثاني ليكلف، كما أن وسعها في قراءة الجمهور هو المفعول الثاني، وفيه ضعف من حيث حذف الموصول دون أن يدل عليه موصول آخر يقابله، كقول حسان :
فمن يهجو رسول اللّه منكم ويمدحه وينصره سواء
أي : ومن ينصره، فحذف : من، لدلالة : من، المتقدّمة. وينبغي أن لا يقاس حذف الموصول، لأنه وصلته كالجزء الواحد، ويجوز أن يكون مفعول : يكلف، الثاني محذوفا، لفهم المعنى، ويكون : وسعها، جملة في موضع الحال، التقدير : لا يكلف اللّه نفسا شيئا إلّا وسعها، أي : وقد وسعها، وهذا التقدير أولى من حذف الموصول.
قال ابن عطية : وهذا يشير إلى قراءة ابن أبي عبلة، فيه تجوز لأنه مقلوب، وكان وجه اللفظ : إلّا وسعته. كما قال : وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ «١» وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً «٢» ولكن يجيء هذا من باب : أدخلت القلنسوة في رأسي، وفي في الحجر.
انتهى.
وتكلم ابن عطية هنا في تكليف ما لا يطاق، وهي مسألة يبحث فيها في أصول الدين، والذي يدل عليه ظاهر الآية أنه غير واقع.
لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ. أي : ما كسبت من الحسنات واكتسبت من السيئات، قاله السدي، وجماعة المفسرين، لا خلاف في ذلك. والخواطر ليست من كسب الإنسان، والصحيح عند أهل اللغة أن الكسب والاكتساب واحد، والقرآن ناطق بذلك. قال اللّه تعالى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ «٣» وقال : وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْها «٤» وقال : بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ «٥» وقال : بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا «٦».
(١) سورة البقرة : ٢/ ٢٥٥.
(٢) سورة طه : ٢٠/ ٩٨.
(٣) سورة المدثر : ٧٤/ ٣٨.
(٤) سورة الأنعام : ٦/ ١٦٤.
(٥) سورة البقرة : ٢/ ٨١.
(٦) سورة الأحزاب : ٣٣/ ٥٨.