البحر المحيط، ج ٢، ص : ٧٦٥
ومجاهد، وقتادة، والسدي، وابن جريج، والربيع، وابن زيد : الإصر : العهد والميثاق الغليظ. وقال ابن زيد أيضا : الإصر : الذنب الذي لا كفارة فيه ولا توبة منه. وقال مالك :
الإصر : الأمر الغليظ الصعب. وقال عطاء : الإصر : المسخ قردة وخنازير، وقيل : الإثم.
حكاه ثعلب. وقيل : فرض يصعب أداؤه، وقيل : تعجيل العقوبة. روي ذلك عن قتادة.
وقال الزجاج : محنة تفتننا كالقتل والجرح في بني إسرائيل، والجعل لمن يكفر سقفا من فضة. وقال الزمخشري : العبء الذي يأصر صاحبه، أي يحبسه مكانه لا يستقل به، استعير للتكليف الشاق من نحو : قتل النفس، وقطع موضع النجاسة من الجلد والثوب، وغير ذلك. انتهى.
قال القفال : من نظر في السفر الخامس من التوراة التي يدعيها هؤلاء اليهود، وقف على ما أخذ عليهم من غليظ العهود والمواثيق، ورأى الأعاجيب الكثيرة.
وقرأ أبيّ : ولا تحمل، بالتشديد، و : آصارا، بالجمع. وروي عن عاصم أنه قرأ :
أصرا، بضم الهمزة. و : الذين من قبلنا، المراد به اليهود. وقال الضحاك : والنصارى.
رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ قال قتادة : لا تشدّد علينا كما شدّدت على من كان قبلنا. وقال الضحاك : لا تحملنا من الأعمال ما لا نطيق. وقال نحوه ابن زيد. وقال ابن جريج : لا تمسخنا قردة وخنازير، وقال مكحول، وسلام بن سابور : الذي لا طاقة لنا به الغلمة، وحكاه النقاش عن مجاهد، وعطاء، ومكحول. وروي أن أبا الدرداء كان يقول في دعائه : وأعوذ بك من غلمة ليس لها عدّة. وقال النخعي : الحب. وقال محمد بن عبد الوهاب : العشق، وقيل : القطيعة. وقيل : شماتة الأعداء.
روى وهب أن أيوب، على نبينا وعليه السلام، قيل له : ما كان أشق عليك في بلائك : قال شماتة الأعداء
قال الشاعر :
أشمت بي الأعداء حين هجرتني والموت دون شماتة الأعداء
وقال السدّي : التغليظ والأغلال التي كانت على بني إسرائيل من التحريم. وقيل : عذاب النار. وقيل : وساوس النفس.
وينبغي أن تحمل هذه التفاسير على أنها على سبيل التمثيل، لا على سبيل تخصيص العموم.
و : ما، في قوله ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ عامّ، وهذا أعمّ من الذي قبله في الآية، لأنه قال في تلك : رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا فشبه الإصر