البحر المحيط، ج ٢، ص : ٨١
وإن لساني شهدة يشتفى بها وهو على من صبه اللّه علقم
يريد : من صبه اللّه عليه، وقال :
لعلّ الذي أصعدتني أن تردني إلى الأرض إن لم يقدر الخير قادر
يريد : أصعدتني به. فعلى هذا القول يكون مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ في موضع المفعول، ومن تبعيضية. وعلى مذهب الأخفش، يجوز أن تكون زائدة، وكل دابة هو نفس المفعول، وعلى حذف الموصول يكون مفعول بث محذوفا، أي : وبثه، وتكون من حالية، أي : كائنا من كل دابة، فهي تبعيضية، أو لبيان الجنس عند من يرى ذلك. وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ في هبوبها قبولا ودبورا وجنوبا وشمالا، وفي أوصافها حارة وباردة ولينة وعاصفة وعقيما ولواقح ونكباء، وهي التي تأتي بين مهبي ريحين. وقيل : تارة بالرحمة، وتارة بالعذاب. وقيل :
تصريفها أن تأتي السفن الكبار بقدر ما يحملها، والصغار كذلك، ويصرف عنها ما يضر بها، ولا اعتبار بكبر القلوع ولا صغرها، فإنها لو جاءت جسدا واحدا لصدمت القلوع وأغرقت.
وقد تكلموا في أنواع الريح واشتقاق أسمائها وفي طبائعها، وفيما جاء فيها من الآثار، وفيما قيل فيها من الشعر، وليس ذلك من غرضنا. والريح جسم لطيف شفاف غير مرئي، ومن آياته ما جعل اللّه فيه من القوة التي تقلع الأشجار وتعفي الآثار وتهدم الديار وتهلك الكفار، وتربية الزرع وتنميته واشتداده بها، وسوق السحاب إلى البلد الماحل. واختلف القراء في إفراد الرّيح وجمعه في أحد عشر موضعا. هذا، وفي الشريعة وفي الأعراف :
يُرْسِلُ الرِّياحَ «١»، واشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ «٢»، وأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ «٣»، وتَذْرُوهُ الرِّياحُ «٤»، وفي الفرقان : أَرْسَلَ الرِّياحَ «٥»، ومَنْ يُرْسِلُ الرِّياحَ «٦»، وفي الروم :
اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياح َ
«٧»، وفي فاطر : أَرْسَلَ الرِّياحَ «٨»، وفي الشورى : إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ «٩». فأفرد حمزة إلا في الفرقان، والكسائي إلا في الحجر، وجمع نافع الجميع والعربيان إلا في إبراهيم والشورى، وابن كثير في البقرة والحجر والكهف والشريعة

_
(١) سورة الأعراف : ٧/ ٥٧.
(٢) سورة إبراهيم : ١٤/ ١٨. [.....]
(٣) سورة الحجر : ١٥/ ٢٢.
(٤) سورة الكهف : ١٨/ ٤٥.
(٥) سورة الفرقان : ٢٥/ ٤٨.
(٦) سورة النمل : ٢٧/ ٦٣.
(٧) سورة الروم : ٣٠/ ٤٨.
(٨) سورة فاطر : ٣٥/ ٩.
(٩) سورة الشورى : ٤٢/ ٣٣.


الصفحة التالية
Icon