البحر المحيط، ج ٢، ص : ٨٥
الكلام، وتفسير دون بسوى، أو بغير، لا يطرد. انتهى. تقول : فعلت هذا من دونك، أي وأنت غائب. وتقول : اتخذت منك صديقا، واتخذت من دونك صديقا. فالذي يفهم من هذا أنه اتخذ من شخص غيره صديقا. وتقول : قام القوم دون زيد. فالذي يفهم من هذا :
أن المعنى أن زيدا لم يقم، فدلالتها دلالة غير في هذا. والذي ذكر النحويون، هو ما ذكرت لك من كونها تكون ظرف مكان، وأنها قليلة التصرف نادرته. وقد حكى سيبويه أيضا أنها تكون بمعنى رديء، تقول : هذا ثوب دون أي رديء، فإذا كانت ظرفا، دلت على انحطاط المكان، فتقول : قعد زيد دونك، فالمعنى : قعد زيد مكانا دون مكانك، أي منحطا عن مكانك. وكذلك إذا أردت بدون الظرفية المجازية تقول : زيد دون عمرو في الشرف، تريد المكانة لا المكان. ووجه استعمالها بمعنى غير انتقالها عن الظرفية فيه خفاء، ونحن نوضحه فنقول : إذا قلت : اتخذت من دونك صديقا، فأصله : اتخذت من جهة ومكان دون جهتك ومكانك صديقا، فهو ظرف مجازي. وإذا كان المكان المتخذ منه الصديق مكانك وجهتك منحطة عنه وهي دونه، لزم أن يكون غيرا، لأنه ليس إياه، ثم حذفت المضاف وأقمت المضاف إليه مقامه مع كونه غيرا، فصارت دلالته دلالة غير بهذا الترتيب، لا أنه موضوع في أصل اللغة لذلك. وانتصب أندادا هنا على المفعول بيتخذ، وهي هنا متعدية إلى واحد، نحو قولك : اتخذت منك صديقا، وهي افتعل من الأخذ، وقد تقدم الكلام على الند وعلى اتخذ، فأغنى عن إعادته. قال ابن عباس والسّدي : الأنداد :
الرؤساء المتبعون، يطيعونهم في معاصي اللّه تعالى. وقال مجاهد وقتادة : الأنداد :
الرؤساء المتبعون، يطيعونهم في معاصي اللّه تعالى. وقال مجاهد وقتادة : الأنداد :
الأوثان، وجاء الضمير في يحبونهم ضمير من يعقل. وقد تقدّم لنا أن الأولى أن تكون الأنداد : المجموع من الأوثان والرؤساء، وتكون الآية عامة. وجاء التغليب لمن يعقل في الضمير في : يُحِبُّونَهُمْ، أي يعظمونهم ويخضعون لهم. والجملة من يحبونهم صفة للأنداد، أو حال من الضمير المستكن في يتخذ، ويجوز أن تكون صفة لمن، إذا جعلتها نكرة موصوفة. وجاز ذلك، لأن في يحبونهم ضمير أنداد، أو ضمير من، وأعاد الضمير على من جمعا على المعنى، إذ قد تقدم الحمل على اللفظ في يتخذ، إذ أفرد الضمير، وقد وقع الفصل بين الجملتين، وهو شرط على مذهب الكوفيين.
كَحُبِّ اللَّهِ، الكاف في موضع نصب، إما على الحال من ضمير الحب المحذوف، على رأي سيبويه، أو على أنه نعت لمصدر محذوف، على رأي جمهور المعربين، التقدير : على الأول يحبونهموه، أي الحب مشبها حب اللّه، وعلى الثاني