البحر المحيط، ج ٣، ص : ١٠٠
وأما الرفع فإنه مسموع من لسان العرب كثير. وقال بعض أصحابنا : وهو أحسن من الجزم، ومنه بيت زهير السابق إنشاده، وهو قوله أيضا :
وإن سل ريعان الجميع مخافة يقول جهارا : ويلكم لا تنفروا
وقال أبو صخر :
ولا بالذي إن بان عنه حبيبه يقول ويخفي الصبر : إني لجازع
وقال الآخر :
وإن بعدوا لا يأمنون اقترابه تشوّف أهل الغائب المتنظّر
وقال الآخر :
وإن كان لا يرضيك حتى تردّني إلى قطري لا إخالك راضيا
وقال الآخر :
إن يسألوا الخير يعطوه، وإن خبروا في الجهد أدرك منهم طيب إخبار
فهذا الرفع، كما رأيت كثير، ونصوص الأمة على جوازه في الكلام، وإن اختلفت تأويلاتهم كما سنذكره. وقال صاحبنا أبو جعفر أحمد بن رشيد المالقي، وهو مصنف (رصف المباني) رحمه اللّه : لا أعلم منه شيئا جاء في الكلام، وإذا جاء فقياسه الجزم لأنه أصل العمل في المضارع، تقدّم الماضي أو تأخر، وتأوّل هذا المسموع على إضمار الفاء، وجعله مثل قول الشاعر :
إنك إن يصرع أخوك تصرع.
على مذهب من جعل الفاء منه محذوفة.
وأما المتقدّمون فاختلفوا في تخريج الرفع، فذهب سيبويه إلى أن ذلك على سبيل التقديم. وأما جواب الشرط فهو محذوف عنده.
وذهب الكوفيون، وأبو العباس إلى أنه هو الجواب حذفت منه الفاء، وذهب غيرهما إلى أنه لما لم يظهر لأداة الشرط تأثير في فعل الشرط، لكونه ماضيا، ضعف عن العمل في فعل الجواب، وهو عنده جواب لا على إضمار الفاء، ولا على نية التقديم، وهذا والمذهب الذي قبله ضعيفان.