البحر المحيط، ج ٣، ص : ١٢١
مني إنك أنت السميع العليم، ولم تقبل أنثى قبل مريم في ذلك، ويكون : تفعل، بمعنى الفعل المجرد نحو : تعجب وعجب، وتبرأ وبرىء.
والباء في : بقبول، قيل : زائدة، ويكون إذ ذاك ينتصب انتصاب المصدر على غير الصدر، وقيل : ليست بزائدة.
والقبول اسم لما يقبل به الشيء : كالسعوط واللدود لما يسعط به ويلد، وهو اختصاصه لها بإقامتها مقام الذكر في النذر، أو : مصدر على تقدير حذف مضاف أي : بذي قبول حسن، أي : بأمر ذي قبول حسن، وهو الاختصاص.
وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً عبارة عن حسن النشأة والجودة في خلق وخلق، فأنشأها على الطاعة والعبادة. قال ابن عباس : لما بلغت تسع سنين صامت النهار وقامت الليل حتى أربت على الأحبار. وقيل : لم تجر عليها خطيئة. قال قتادة : حدّثنا أنها كانت لا تصيب الذنوب كما يصيب بنو آدم. وقيل : معنى أَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً أي : جعل ثمرتها مثل عيسى.
وانتصب : نباتا، على أنه مصدر على غير الصدر، أو مصدر لفعل محذوف أي :
فنبتت نباتا حسنا، ويقال : القبول الحسن تربيتها على نعت العصمة حتى قالت : أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا
«١» والنبات الحسن الاستقامة على الطاعة وإيثار رضا اللّه في جميع الأوقات.
وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا قال قتادة : ضمها إليه. وقال أبو عبيدة : ضمن القيام بها، ومن القبول الحسن والنبات الحسن أن جعل تعالى كافلها والقيم بأمرها وحفظها نبيا.
أوحى اللّه إلى داود عليه السلام : إذا رأيت لي طالبا فكن له خادما.
وقرأ الكوفيون : وكفلها، بتشديد الفاء، وباقي السبعة بتخفيفها. وأبيّ : وأكفلها، ومجاهد : فتقبلها بسكون اللام، ربها، بالنصب على النداء، و : أنبتها، بكسر الباء وسكون التاء، و : كفلها، بكسر الفاء مشدّدة وسكون اللام على الدعاء من أم مريم لمريم. وقرأ عبد اللّه المزني : وكفلها، بكسر الفاء وهي لغة يقال : كفل يكفل وكفل يكفل، كعلم يعلم.
(١) سورة مريم : ١٩/ ١٨.