البحر المحيط، ج ٣، ص : ١٦١
أحدها : أن يكون منصوبا بإضمار فعل تقديره : ويجعله رسولا إلى بني إسرائيل، قالوا : فيكون مثل قوله :
يا ليت زوجك قد غدا متقلدا سيفا ورمحا
أي : ومعتقلا رمحا. لما لم يمكن تشريكه مع المنصوبات قبله في العامل الذي هو :
يعلمه، أضمر له فعل ناصب يصح به المعنى، قاله ابن عطية وغيره.
الثاني : أن يكون معطوفا على : ويعلمه، فيكون : حالا، إذ التقدير : ومعلما الكتاب، فهذا كله عطف بالمعنى على قوله : وجيها، قاله الزمخشري، وثنى به ابن عطية، وبدأ به وهو مبني على إعراب : ويعلمه. وقد بينا ضعف إعراب من يقول : إن : ويعلمه، معطوف على : وجيها، للفصل المفرط بين المتعاطفين.
الثالث : أن يكون منصوبا على الحال من الضمير المستكن في : ويكلم، فيكون معطوفا على قوله : وكهلا، أي : ويكلم الناس طفلا وكهلا ورسولا إلى بني إسرائيل، قاله ابن عطية، وهو بعيد جدا لطول الفصل بين المتعاطفين.
الرابع : أن تكون الواو زائدة، ويكون حالا من ضمير : ويعلمه، قاله الأخفش، وهو ضعيف لزيادة الواو، لا يوجد في كلامهم : جاء زيد وضاحكا، أي : ضاحكا.
الخامس : أن يكون منصوبا على إضمار فعل من لفظ رسول، ويكون ذلك الفعل معمولا لقول من عيسى، التقدير : وتقول أرسلت رسولا إلى بني إسرائيل، واحتاج إلى هذا التقدير كله، لقوله : أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ وقوله : وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ، إذ لا يصح في الظاهر حمله على ما قبله من المنصوبات لاختلاف الضمائر، لأن ما قبله ضمير غائب، وهذان ضميرا متكلم، فاحتاج إلى هذا الإضمار لتصحيح المعنى. قاله الزمخشري، وقال : هو من المضايق، يعني من المواضع التي فيها إشكال. وهذا الوجه ضعيف، إذ فيه إضمار القول ومعموله الذي هو : أرسلت، والاستغناء عنهما باسم منصوب على الحال المؤكدة، إذ يفهم من قوله : وأرسلت، أنه رسول، فهي على هذا التقدير حال مؤكدة.
فهذه خمسة أوجه في إعراب : ورسولا، أولاها الأول، إذ ليس فيه إلّا إضمار فعل يدل عليه المعنى، أي : ويجعله رسولا، ويكون قوله أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ معمولا لرسول، أي ناطقا بأني قد جئتكم، على قراءة الجمهور، ومعمولا لقول محذوف على قراءة من كسر