البحر المحيط، ج ٣، ص : ١٦٣
مصحف عبد اللّه : بآيات، على الجمع في الموضعين. ويجوز أن يكون : من ربكم، في موضع الصفة، لأنه يتعلق بمحذوف، ويجوز أن يتعلق : بجئتكم، أي : جئتكم من ربكم بآية.
أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ قرأ الجمهور : أني أخلق، بفتح الهمزة على أن يكون بدلا من : آية، فيكون في موضع جر، أو بدلا من قوله : أني قد جئتكم، فيكون في موضع نصب أو جر على الخلاف، أو على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي : هي، أي : الآية أني أخلق، فيكون في موضع رفع. وقرأ نافع بالكسر على الاستئناف، أو على إضمار القول، أو على التفسير للآية. كما فسر المثل في قوله : كَمَثَلِ آدَمَ «١» بقوله : خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ «٢» ومعنى : أخلق : أقدّر وأهيء، والخلق يكون بمعنى الإنشاء وإبراز العين من العدم الصرف إلى الوجود. وهذا لا يكون إلّا للّه تعالى. ويكون بمعنى : التقدير والتصوير، ولذلك يسمون صانع الأديم ونحوه : الخالق، لأنه يقدّر، وأصله في الإجرام، وقد نقلوه إلى المعاني قال تعالى وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً «٣» ومما جاء الخلق فيه بمعنى التقدير قوله تعالى : فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ «٤» أي المقدّرين.
وقال الشاعر :
ولأنت تفري ما خلقت وبعض القوم يخلق ثم لا يفري
واللام في : لكم، معناها التعليل، و : من الطين، تقييد بأنه لا يوجد من العدم الصرف، بل ذكر المادة التي يشكل منها صورة.
وقرأ الجمهور : كهيئة، على وزن : حيئة، وقرأ الزهري : كهية، بكسر الهاء وياء مشددة مفتوحة بعدها تاء التأنيث، و : الكاف، من : كهيئة، اسم على مذهب أبي الحسن، فهي مفعولة : بأخلق، وعلى قول الجمهور : يكون، صفة لمفعول محذوف تقديره : هيئة مثل هيئة، ويكون : هيئة، مصدرا في معنى المفعول، أي : مثالا مهيأ مثل.
وقرأ الجمهور : الطير، وقرأ أبو جعفر بن القعقاع : كهيئة الطائر، والمراد به الجنس :
فأنفخ فيه، الضمير في : فيه، يعود على : الكاف، أو على موصوفها على القولين المذكورين. وقرأ بعض القراء : فأنفخها، أعاد الضمير على الهيئة المحذوفة، إذ يكون

_
(٢ - ١) سورة آل عمران : ٣/ ٥٩. [.....]
(٣) سورة العنكبوت : ٢٩/ ١٧.
(٤) سورة المؤمنون : ٢٣/ ١٤.


الصفحة التالية
Icon