البحر المحيط، ج ٣، ص : ١٧٠
ذلك سيبويه وغيره، ويجوز أن يكون المعنى : وجئتكم بآية على أن اللّه ربي وربكم، وما بينهما اعتراض. وقال ابن عطية : التقدير : أطيعون لأن اللّه ربي وربكم. انتهى. وليس قوله بظاهر.
والأمر بالتقوى والطاعة تحذير ودعاء، والمعنى أنه : تظاهر بالحجج والخوارق في صدقه، فاتقوا اللّه في خلافي، وأطيعون في أمري ونهيي. وقيل : اتقوا اللّه فيما أمركم به ونهاكم عنه في كتابه الذي أنزله على موسى، وأطيعون فيما دعوتكم إليه من تصديقي فيما أرسلني به إليكم.
وتكرار : ربي وربكم، أبلغ في التزام العبودية من قوله : ربنا، وأدل على التبري من الربوبية.
هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ أي : طريق واضح لمن يسلكه لا اعوجاج فيه، والإشارة بهذا إلى قوله : إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أي إفراد اللّه وحده بالعبادة هو الطريق المستقيم، ولفظ العبادة يجمع الإيمان والطاعات.
وفي هذه الآيات من ضروب الفصاحة والبديع : إسناد الفعل للآمر به لا لفاعله، في قوله : إن اللّه يبشرك، إذ هم المشافهون بالبشارة، واللّه الآمر بها. ومثله : نادى السلطان في البلد بكذا، وإطلاق اسم السبب على المسبب في قوله : بكلمة منه، على الخلاف الذي في تفسير : كلمة.
والاحتراس : في قوله : وكهلا، من ما جرت به العادة أن من تكلم في حال الطفولة لا يعيش.
والكناية : في قوله : ولم يمسسني بشر، كنى بالمسّ عن الوطء، كما كنى عنه :
بالحرث، واللباس، والمباشرة.
والسؤال والجواب في : قالت الملائكة. وفي أنى يكون؟ والتكرار : في : جئتكم بآية.
وفي : أني أخلق لكم. وفي : الطير، وفي : بإذن اللّه، وفي : ربي وربكم، وفي : ما، في قوله : بما تأكلون وما.
والتعبير عن الجمع بالمفرد في : الآية، وفي : الأكمه والأبرص، وفي : إذا قضى أمرا.


الصفحة التالية
Icon