البحر المحيط، ج ٣، ص : ٢٠٣
بالنجاشي، وفيه : أن النجاشي قال : لا دهورة اليوم على حزب إبراهيم. أي : لا خوف ولا تبعة، فقال عمرو : من حزب إبراهيم؟ فقال النجاشي : هؤلاء الرهط وصاحبهم، يعني :
جعفرا وأصحابه. ورسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنه قال :«لكل نبي ولاة من النبيين، وإن وليي منهم أبي، وخليل ربي إبراهيم». ثم قرأ هذه الآية.
ومعنى : أولى الناس : أخصهم به وأقربهم منه من الولي، وهو القرب. والذين اتبعوه يشمل كل من اتبعه في زمانه وغير زمانه، فيدخل فيه متبعوه في زمان الفترات. وعنى بالأتباع أتباعه في شريعته.
وقال عليّ بن عيسى : أحقهم بنصرته أي : بالمعونة وبالحجة، فمن تبعه في زمانه نصره بمعونته على مخالفته. ومحمد والمؤمنون نصروه بالحجة له أنه كان محقا سالما من المطاعن، وهذا النبي : يعني به محمدا صلّى اللّه عليه وسلّم، وخص بالذكر من سائر من اتبعه لتخصيصه بالشرف والفضيلة، كقوله وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ «١».
وَالَّذِينَ آمَنُوا قيل : آمنوا من أمّة محمد، وخصوا أيضا بالذكر تشريفا لهم، إذ هم أفضل الأتباع للرسل، كما أن رسولهم أفضل الرسل. وقيل : المؤمنون في كل زمان. وعطف وَهذَا النَّبِيُّ على خبر إن، ومن أعرب وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مبتدأ والخبر :
هم المتبعون له، فقد تكلف إضمارا لا ضرورة تدعو إليه.
وقرىء : وهذا النبيّ، بالنصب عطفا على : الهاء، في اتبعوه، فيكون متبعا لا متبعا :
أي : أحق الناس بإبراهيم من اتبعه، ومحمدا صلّى اللّه عليهما وسلّم، ويكون : والذين آمنوا، عطفا على خبر : إن، فهو في موضع رفع.
وقرئ : وهذا النبي، بالجر، ووجه على أنه عطف على : إبراهيم، أي : إن أولى الناس بإبراهيم وبهذا النبي للذين اتبعوا إبراهيم. و : النبي، قالوا : بدل من هذا، أو :
نعت، أو : عطف بيان. ونبه على الوصف الذي يكون به اللّه وليا لعباده، وهو : الإيمان.
فقال : وليّ المؤمنين، ولم يقل : وليهم. وهذا وعد لهم بالنصر في الدنيا، وبالفوز في الآخرة. وهذا كما قال تعالى : اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا.
قيل : وجمعت هذه الآيات من البلاغة : التنبيه والإشارة والجمع بين حرفي التأكيد، وبالفصل في قوله : إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وفي : وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ والإختصاص في : عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ وفي : وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ والتجوز بإطلاق اسم

_
(١) سورة البقرة : ٢/ ٩٨.


الصفحة التالية
Icon