البحر المحيط، ج ٣، ص : ٢٣
ونحوها، حين سمعوا : آلم، فقالوا : هذه بالجمل : أحد وسبعون، فهو غاية أجل هذه الأمة، فلما سمعوا : الر، وغيرها، اشتبهت عليهم. أو : ما اشتبه من النصارى من قوله :
وَرُوحٌ مِنْهُ «١».
وقيل : المتشابهات ما لا سبيل إلى معرفته، كصفة الوجه، واليدين، واليد، والاستواء.
وقيل : المحكم ما أمر اللّه به في كل كتاب أنزله، نحو قوله : قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ «٢» الآيات وقَضى رَبُّكَ «٣» الآيات وما سوى المحكم متشابه.
وقال أكثر الفقهاء : المحكمات التي أحكمت بالإبانة، فإذا سمعها السامع لم يحتج إلى تأويلها، لأنها ظاهرة بينة، والمتشابهات : ما خالفت ذلك. وقال ابن أبي نجيح :
المحكم ما فيه الحلال والحرام. وقال ابن خويز منداذ : المتشابه ما له وجوه واختلف فيه العلماء، كالآيتين في الحامل المتوفى عنها زوجها، عليّ وابن عباس يقولان : تعتد أقصى الأجلين، وعمر، وزيد، وابن مسعود يقولون : وضع الحمل. وخلافهم في النسخ، وكالاختلاف في الوصية للوراث هل نسخت أم لا. ونحو تعارض الآيتين : أيهما أولى أن يقدّم إذا لم يعرف النسخ؟ نحو : وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ «٤» يقتضي الجمع بين الأقارب بملك اليمين وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ «٥» يمنع من ذلك؟
ومعنى : أم الكتاب، معظم الكتاب، إذ المحكم في آيات اللّه كثير قد فصل. وقال يحيى بن يعمر : هذا كما يقال لمكة : أم القرى، ولمرو : أم خراسان، و : أم الرأس :
لمجتمع الشؤون، إذ هو أخطر مكان.
وقال ابن زيد : جماع الكتاب، ولم يقل : أمهات، لأنه جعل المحكمات في تقدير شيء واحد، ومجموع المتشابهات في تقدير شيء وآخر، وأحدهما أم للآخر، ونظيره وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً «٦» ولم يقل : اثنين، ويحتمل أن يكون : هنّ، أي كل واحدة منهنّ، نحو : فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً «٧» أي كل واحد منهم. قيل : ويحتمل أن
(١) سورة النساء : ٤/ ١٧١، وسورة المجادلة : ٥٨/ ٢٢.
(٢) سورة الأنعام : ٦/ ١٥١. [.....]
(٣) سورة الإسراء : ١٧/ ٢٣.
(٤) سورة النساء : ٣/ ٢٤.
(٥) سورة النساء : ٣/ ٢٣.
(٦) سورة المؤمنون : ٢٣/ ٥٠.
(٧) سورة النور : ٢٤/ ٤.