البحر المحيط، ج ٤، ص : ٣٥٣
ما من تُطْعِمُونَ في موضع محذوف أي تطعمونه، وقرأ الجمهور أَهْلِيكُمْ وجمع أهل بالواو والنون شاذّ في القياس.
وقرأ جعفر الصادق أهاليكم جمع تكسير وبسكون الياء
، قال ابن جني : أهال بمنزلة ليال، واحدها أهلاة وليلاة، والعرب تقول : أهل وأهلة ومنه قوله :
وأهلة ودّ قد سريت بودّهم.
وقال الزمخشري والأهالي اسم جمع لأهل كالليالي في جمع ليلة والأراضي في جمع أرض، وأما تسكين الياء في أهاليكم فهو كثير في الضرورة، وقيل في السعة كما قال زهير :
يطيع العوالي ركبت كل لهدم شبهت الياء بالألف فقدرت فيها جميع الحركات.
أَوْ كِسْوَتُهُمْ هذا معطوف على قوله إِطْعامُ والظاهر أن كسوة هي مصدر وإن كان يستعمل للثوب الذي يستر، ولما لم يذكر مقدار ما يطعم له يذكر مقدار الكسوة وظاهره مطلق الكسوة وأجمعوا على أن القلنسوة بانفرادها لا تجزئ، وقال بعضهم : الكسوة في الكفارة إزار وقميص ورداء، وروي عن ابن عمر أو ثوبان لكل مسكين. قاله أبو موسى الأشعريّ وابن سيرين والحسن : وراعى قوم الزي والكسوة المتعارفة، فقال بعضهم :
لا يجزئ الثوب الواحد إلا إذا كان جامعا لما قد يتزين به كالكساء والملحفة، وقال النخعي : ليس القميص والدرع والخمار ثوبا جامعا، وقال الحسن والحكم : تجزئ عمامة يلف بها رأسه، وقال مجاهد يجزئ كل شيء إلا التبان، وقال عطاء وابن عباس وأبو جعفر ومنصور : الكسوة ثوب قميص أو رداء أو إزار، وقال ابن عباس تجزئ العباءة أو الشملة، وقال طاوس والحسن : ثوب لكل مسكين، وعن ابن عمر إزار وقميص أو كساء، وهل يجزئ إعطاء كساوى عشرة أنفس لشخص واحد في عشرة أيام فيه خلاف كالإطعام، وقرأ النخعي وابن المسيب وابن عبد الرحمن كِسْوَتُهُمْ بضم الكاف، وقرأ ابن جبير وابن السميفع أو كاسوتهم بكاف الجر على أسوة، قال الزمخشري : المعنى أو مثل ما تطعمون أهليكم إسرافا كان أو تقتيرا لا تنقصونهم عن مقدار نفقتهم ولكن تساوون بينهم وبينهم (فإن قلت) : ما محل الكاف؟ (قلت) الرفع، قيل : إن قوله أَوْ كِسْوَتُهُمْ عطف على محل مِنْ أَوْسَطِ فدل على أنه ليس قوله مِنْ أَوْسَطِ في موضع مفعول ثان بالمصدر


الصفحة التالية
Icon