البحر المحيط، ج ٤، ص : ٤٤
ابن جني : هو على حذف الزوائد من راغم. والسعة هنا في الرزق قاله : ابن عباس، والضحاك، والربيع، وغيرهم. وقال قتادة : سعة من الضلالة إلى الهدى، ومن القلة إلى الغنى. وقال مالك : السعة سعة البلاد. قال ابن عطية : والمشبه لفصاحة العرب أن يريد سعة الأرض وكثرة المعاقل، وبذلك تكون السعة في الرّزق واتساع الصدر عن همومه وفكره، وغير ذلك من وجوه الفرح، ونحو هذا المعنى قول الشاعر :
لكان لي مضطرب واسع في الأرض ذات الطول والعرش
انتهى. وقدم مراغمة الأعداء على سعة العيش، لأن الابتهاج برغم أنوف الأعداء لسوء معاملتهم أشد من الابتهاج بالسعة.
وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ قيل : نزلت في جندب بن ضمرة وتقدمت قصته قبل. وقيل : في ضمرة بن بغيض.
وقيل : أبو بغيض ضمرة بن زنباع الخزاعي. وقيل : خالد بن حرام بن خويلد أخو حكيم بن حرام خرج مهاجرا إلى الحبشة، فمات في الطريق. وقيل : ضمرة بن ضمرة بن نعيم.
وقيل : ضمرة بن خزاعة. وقيل : رجل من كنانة هاجر فمات في الطريق، فسخر منه قومه فقالوا : لا هو بلغ ما يريد، ولا هو أقام في أهله حتى دفن. والصحيح : أنه ضمرة بن بغيض، أو بغيض بن ضمرة بن الزنباع، لأنّ عكرمة سأل عنه أربع عشرة سنة، وصححه.
وجواب الشرط فقد وقع أجره على اللّه، وهذه مبالغة في ثبوت الأجر ولزومه، ووصول الثواب إليه فضلا من اللّه وتكريما، وعبر عن ذلك بالوقوع مبالغة. وقرأ النخعي وطلحة بن مصرّف : ثم يدركه برفع الكاف. قال ابن جني : هذا رفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي :
ثم هو يدركه الموت، فعطف الجملة من المبتدأ والخبر على الفعل المجزوم، وفاعله.
وعلى هذا حمل يونس قول الأعشى :
إن تركبوا فركوب الخير عادتنا أو تنزلون فإنا معشر نزل
المراد : أو أنتم تنزلون، وعليه قول الآخر :
إن تذنبوا لم يأتيني نعيقكم فما عليّ بذنب عندكم قوت
المعنى : ثم أنتم يأتيني نعيقكم. وهذا أوجه من أن يحمل على ألم يأتيك انتهى.
وخرج على وجه آخر وهو : أن رفع الكاف منقول من الهاء، كأنه أراد أن يقف عليها، ثم نقل حركة الهاء إلى الكاف كقوله :


الصفحة التالية
Icon