البحر المحيط، ج ٥، ص : ٢٥٤
حذف الضمير العائد على الموصول، والموصول هو النبي صلى اللّه عليه وسلم، والتقدير أنّ ولي اللّه الشخص الذي نزل الكتاب عليه فحذف عليه وإن لم لم يكن فيه شرط جواز الحذف المقيس لكنه قد جاء نظيره في كلام العرب. قال الشاعر :
وإن لساني شهدة يشتفى بها وهو على من صبه اللّه علقم
التقدير وهو على من صبه اللّه عليه علقم. وقال الآخر :
فأصبح من أسماء قيس كقابض على الماء لا يدري بما هو قابض
التقدير بما هو قابض عليه، وقال الآخر :
لعلّ الذي أصعدتني أن يردني إلى الأرض إن لم يقدر الخير قادره
يريد أصعدتني به. وقال الآخر :
فأبلغن خالد بن نضلة والمرء معني بلوم من يثق
يريد يثق به. وقال الآخر :
ومن حسد يجوز عليّ قومي وأي الدّهر ذر لم يحسدوني
يريد لم يحسدوني فيه. وقال الآخر :
فقلت لها لا والذي حج حاتم أخونك عهدا إنني غير خوّان
قالوا يريد حج حاتم إليه فهذه نظائر من كلام العرب يمكن حمل هذه القراءة الشاذة عليها، والوجه الثاني أن يكون خبر إِنَّ محذوفا لدلالة ما بعده عليه التقدير إن وليّ اللّه الذي نزل الكتاب من هو صالح أو الصالح، وحذف لدلالة وهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ عليه وحذف خبر إن وأخواتها لفهم المعنى جائز ومنه قوله تعالى : إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ «١» الآية وقوله : إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ «٢» الآية وسيأتي تقدير حذف الخبر فيهما إن شاء اللّه.
وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ أي من دون اللّه ويتعيّن عود الضمير في من دونه على اللّه وبذلك يضعف من فسر الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ بجبريل، هذه الآية بيان لحال الأصنام وعجزها عن نصرة أنفسها فضلا عن نصرة غيرها

(١) سورة فصلت : ٤١/ ٤١.
(٢) سورة الحج : ٢٢/ ٢٥.


الصفحة التالية
Icon