البحر المحيط، ج ٥، ص : ٤٣٣
وحكم ثلاثة أقوال : هو مولانا، أي ناصرنا وحافظنا قاله الجمهور. وقال الكلبي : أولى بنا من أنفسنا في الموت والحياة. وقيل : مالكنا وسيدنا، فلهذا يتصرف كيف شاء. فيجب الرضا بما يصدر من جهته. وقال ذلك بأن اللّه مولى الذين آمنوا، وأن الكافرين لا مولى لهم، فهو مولانا الذي يتولانا ونتولاه.
قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ : أي ما ينتظرون بنا إلا إحدى العاقبتين، كل واحدة منهما هي الحسنى من العواقب : إما النصرة، وإما الشهادة. فالنصرة مآلها إلى الغلبة والاستيلاء، والشهادة مآلها إلى الجنة. وقال ابن عباس : إنّ الحسنيين الغنيمة والشهادة. وقيل : الأجر والغنيمة. وقيل : الشهادة والمغفرة. وفي الحديث :«تكفل اللّه لمن جاهد في سبيله لا يخرجه من بيته إلا الجهاد في سبيله، وتصديق كلمته أن يدخل الجنة، أو يرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه مع ما نال من أجر وغنيمة، والعذاب من عند اللّه»
قال ابن عباس : هو هنا الصواعق. وقال ابن جريج : الموت. وقيل : قارعة من السماء تهلكهم كما نزلت على عاد وثمود. قال ابن عطية : ويحتمل أن يكون توعدا بعذاب الآخرة، أو بأيدينا بالقتل على الكفر. فتربصوا مواعيد الشيطان إنا معكم متربصون إظهار دينه واستئصال من خالفه، قاله الحسن. وقال الزمخشري : فتربصوا بنا ما ذكرنا من عواقبنا أنا معكم متربصون ما هو عاقبتكم، فلا بد أن نلقى كلنا ما نتربصه لا نتجاوزه انتهى. وهو أمر يتضمن التهديد والوعيد. وقرأ ابن محيصن الإحدى : بإسقاط الهمزة. قال ابن عطية :
فوصل ألف إحدى وهذه لغة وليست بالقياس، وهذا نحو قول الشاعر :
يا با المغيرة رب أمر معضل ونحو قول الآخر :
إن لم أقاتل فالبسني برقعا انتهى.
قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فاسِقِينَ : قرأ الأعمش وابن وثاب : كرها بضم الكاف، ويعني : في سبيل اللّه ووجوه البر. قيل : وهو أمر ومعناه التهديد والتوبيخ. وقال الزمخشري : هو أمر في معنى الخبر كقوله تعالى : قُلْ مَنْ كانَ فِي