البحر المحيط، ج ٥، ص : ٤٤١
الأصناف منهم : زين العابدين علي بن الحسين، وعكرمة، والزهري، بل يصرف إلى الأصناف الثمانية. وقد كتب الزهري لعمر بن عبد العزيز : يفرّقها على الأصناف الثمانية، وهو مذهب الشافعي قال : إلا المؤلفة، فإنهم انقطعوا. وأما أنّ الفقراء غير المساكين، فذهب جماعة من السلف إلى أنّ الفقير والمسكين سواء لا فرق بينهما في المعنى، وإن افترقا في الاسم، وهما صنف واحد سمي باسمين ليعطي سهمين نظرا لهم ورحمة. قال في التحرير : وهذا هو أحد قولي الشافعي. وذهب الجمهور إلى أنهما صنفان يجمعهما الإقلال والفاقة، واختلفوا فيما به الفرق. فقال الأصمعي وغيره منهم أحمد بن حنبل وأحمد بن عبيد الفقير : أبلغ فاقة. وقال غيره منهم أبو حنيفة، ويونس بن حبيب، وابن السكيت، وابن قتيبة : المسكين أبلغ فاقة، لأنه لا شيء له. والفقير من له بلغة من الشيء.
وقال الضحاك : الفقراء هم من المهاجرين، والمساكين من لم يهاجر. وقال النخعي نحوه.
وقال عكرمة : الفقراء من المسلمين، والمساكين من أهل الذمة. لا نقول لفقراء المسلمين مساكين. وروي عنه بالعكس حكاه مكي. وقال الشافعي في كتاب ابن المنذر : الفقير من لا مال له ولا حرفة، سائلا كان أو متعففا. والمسكين الذي له حرفة أو مال ولكن لا يغنيه ذلك سائلا كان أو غير سائل. وقال قتادة : الفقير الزّمن المحتاج، والمسكين الصحيح المحتاج. وقال ابن عباس، والحسن، ومجاهد، والزهري، وابن زيد، وجابر بن زيد، والحكم، ومقاتل، ومحمد بن مسلمة : المساكين الذين يسعون ويسألون، والفقراء هم الذين يتعاونون.
وأما بقاء الحكم للأصناف الثمانية فذهب عمر بن الخطاب والحسن والشعبي وجماعة : إلى أنه انقطع صنف المؤلفة بعزة الإسلام وظهوره، وهذا مشهور مذهب مالك وأبي حنيفة، قال بعض الحنفيين : أجمعت الصحابة على سقوط سهمهم في خلافة أبي بكر لما أعز اللّه الإسلام وقطع دابر الكافرين. وقال القاضي عبد الوهاب : إن احتيج إليهم في بعض الأوقات أعطوا من الصدقات. وقال كثير من أهل العلم : المؤلفة قلوبهم موجودون إلى يوم القيامة. قال ابن عطية : وإذا تأملت الثغور وجدت فيها الحاجة إلى الائتلاف انتهى. وقال يونس : سألت الزهري عنهم فقال : لا أعلم نسخا في ذلك. قال أبو جعفر النحاس : فعل هذا الحكم فيهم ثابت، فإن كان أحد يحتاج إلى تألفه ويخاف أن تلحق المسلمين منه آفة أو يرجى حسن إسلامه بعد دفع إليه. وقال القاضي أبو بكر بن العربي : الذي عندي أنه إن قوي الإسلام زالوا، وإن احتيج إليهم أعطوا سهمهم، كما كان