البحر المحيط، ج ٧، ص : ١٦٢
ظاهِراً هو قولك لهم ليس كما تعلمون. وحكى الماوردي إلّا بحجة ظاهرة. وقال ابن الأنباري : إلّا جدال متيقن عالم بحقيقة الخبر، واللّه تعالى ألقى إليك ما لا يشوبه باطل.
وقال ابن بحر : ظاهِراً يشهده الناس. وقال التبريزي : ظاهِراً ذاهبا بحجة الخصم.
وأنشد :
وتلك شكاة ظاهر عنك عارها أي ذاهب، ثم نهاه أن يسأل أحدا من أهل الكتاب عن قصتهم لا سؤال متعنت لأنه خلاف ما أمرت به من الجدال بالتي هي أحسن، ولا سؤال مسترشد لأنه تعالى قد أرشدك بأن أوحى إليك قصتهم، ثم نهاه أن يخبر بأنه يفعل في الزمن المستقبل شيئا إلّا ويقرن ذلك بمشيئة اللّه تعالى، وتقدم
في سبب النزول أنه عليه السلام حين سأله قريش عن أهل الكهف والخضر والروح قال :«غدا أخبركم». ولم يقل إن شاء اللّه، فتأخر عنه الوحي مدة. قيل : خمسة عشر يوما. وقيل : أربعين
وإِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ استثناء لا يمكن حمله على ظاهره لأنه يكون داخلا تحت القول، فيكون من المقول ولا ينهاه اللّه أن يقول إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ لأنه كلام صحيح في نفسه لا يمكن ينهى عنه، فاحتيج في تأويل هذا الظاهر إلى تقدير.
فقال ابن عطية : في الكلام حذف يقتضيه الظاهر ويحسنه الإيجاز تقديره إلّا أن تقول إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ أو إلّا أن تقول إن شاء اللّه، فالمعنى إلّا أن تذكر مشيئة اللّه فليس إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ من القول الذي نهى عنه. وقال الزمخشري : إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ متعلق بالنهي لا بقوله إِنِّي فاعِلٌ لأنه لو قال إِنِّي فاعِلٌ كذا إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ كان معناه إلّا أن تعترض مشيئة اللّه دون فعله، وذلك ما لا مدخل فيه للنهي وتعلقه بالنهي على وجهين.
أحدهما : ولا تقولنّ ذلك القول إلّا أن يشاء اللّه أن تقوله بأن ذلك فيه.
والثاني : ولا تقولنه إلّا بأن يشاء اللّه أي إلّا بمشيئته وهو في موضع الحال، أي إلّا ملتبسا بمشيئة اللّه قائلا إن شاء اللّه. وفيه وجه ثالث وهو أن يكون إلّا أن يشاء اللّه في معنى كلمة ثانية كأنه قيل : ولا تقولنه أبدا ونحوه وَما يَكُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِيها إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ رَبُّنا «١» لأن عودهم في ملتهم مما لن يشاء اللّه، وهذا نهي تأديب من اللّه لنبيه حين
قال :«ائتوني غدا أخبركم».
ولم يستثن انتهى.
قال ابن عطية : وقالت فرقة هو استثناء من قوله وَلا تَقُولَنَّ وحكاه الطبري، ورد

(١) سورة الأعراف : ٧/ ٨٩. [.....]


الصفحة التالية
Icon