البحر المحيط، ج ٨، ص : ٤٢٠
الجمهور، واو الحال والبحر مبتدأ، ويَمُدُّهُ الخبر، أي حال كون البحر ممدودا. وقال الزمخشري : عطفا على محل إن ومعمولها على ولو، ثبت كون الأشجار أقلاما، وثبت أن البحر ممدودا بسبعة أبحر. انتهى. وهذا لا يتم إلا على رأي المبرد، حيث زعم أن أَنَّ في موضع رفع على الفاعلية. وقال بعض النحويين : هو عطف على أن، لأنها في موضع رفع بالإبتداء، وهو لا يتم إلا على رأي من يقول : إن أن بعد لو في موضع رفع على الابتداء، ولو لا يليها المبتدأ اسما صريحا إلا في ضرورة شعر، نحو قوله :
لو بغير الماء حلقي شرق كنت كالغصان بالماء اعتصاري
فإذا عطفت والبحر على أن ومعموليها، وهما رفع بالابتداء، لزم من ذلك أن لو يليها الاسم مبتدأ، إذ يصير التقدير : ولو البحر، وذلك لا يجوز إلا في الضرورة، إلا أنه قد يقال : إنه يجوز في المعطوف عليه نحو : رب رجل وأخيه يقولان ذلك. وقرأ عبد اللّه :
وبحر يمده، بالتنكير بالرفع، والواو للحال، أو للعطف على ما تقدم وإن كانت الواو واو الحال، كان بحر، وهو نكرة، مبتدأ، وذكروا في مسوغات الابتداء بالنكرة أن تكون واو الحال تقدمته، نحو قوله :
سرينا ونجم قد أضاء فقد بدا محياك أخفى ضوؤه كل شارق
وقرأ الجمهور : يَمُدُّهُ بالياء، من مد وابن مسعود، وابن عباس : بتاء التأنيث، من مد أيضا وعبد اللّه أيضا، والحسن، وابن مطرف، وابن هرمز : بالياء من تحت، من أمد
وجعفر بن محمد : والبحر مداده
، أي يكتب به من السواد. وقال ابن عطية : هو مصدر. انتهى. مِنْ بَعْدِهِ : أي من بعد نفاد ما فيه، سَبْعَةُ أَبْحُرٍ : لا يراد به الاقتصار على هذا العدد، بل جيء به للكثرة، كقوله : المؤمن يأكل في معي واحد، والكافر في سبعة أمعاء، لا يراد به العدد، بل ذلك إشارة إلى القلة والكثرة. ولما كان لفظ سبعة ليس موضوعا في الأصل للتكثير، وإن كان مرادا به التكثير، جاء مميزه بلفظ القلة، وهو أبحر، ولم يقل بحور، وإن كان لا يراد به أيضا إلا التكثير، ليناسب بين اللفظين. فكما يجوز في سبعة، واستعمل للتكثير، كذلك يجوز في أبحر، واستعمل للتكثير. وفي الكلام جملة محذوفة يدل عليها المعنى، وكتب بها الكتاب كلمات اللّه.
ما نَفِدَتْ، والمعنى : ولو أن أشجار الأرض أقلام، والبحر ممدود بسبعة أبحر، وكتبت بتلك الأقلام وبذلك المداد كلمات اللّه، ما نَفِدَتْ، ونفدت الأقلام والمداد


الصفحة التالية
Icon