البحر المحيط، ج ٨، ص : ٤٥٩
والكسائي، وحفص : بحذفها وصلا خاصة وباقي السبعة : بإثباتها في الحالين. واختار أبو عبيد والحذاق أن يوقف على هذه الكلمة بالألف، ولا يوصل، فيحذف أو يثبت، لأن حذفها مخالف لما اجتمعت عليه مصاحف الأمصار، ولأن إثباتها في الوصل معدوم في لسان العرب، نظمهم ونثرهم، لا في اضطرار ولا غيره. أما إثباتها في الوقف ففيه اتباع الرسم وموافقته لبعض مذاهب العرب، لأنهم يثبتون هذه الألف في قوافي أشعارهم وفي تصاريفها، والفواصل في الكلام كالمصارع. وقال أبو علي : هي رؤوس الآي، تشبه بالقوافي من حيث كانت مقاطع، كما كانت القوافي مقاطع.
وهُنالِكَ : ظرف مكان للبعيد هذا أصله، فيحمل عليه، أي في ذلك المكان الذي وقع فيه الحصار والقتال ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ، والعامل فيه ابتلي. وقال ابن عطية :
هُنالِكَ ظرف زمان قال : ومن قال إن العامل فيه وَتَظُنُّونَ، فليس قوله بالقوي، لأن البداءة ليست متمكنة. وابتلاؤهم، قال الضحاك : بالجوع. وقال مجاهد : بالحصار.
وقيل : بالصبر على الإيمان. وَزُلْزِلُوا، قال ابن سلام : حركوا بالخوف. وقيل زُلْزِلُوا، فثبتوا وصبروا حتى نصروا. وقيل : حركوا إلى الفتنة فعصموا. وقرأ الجمهور :
وزلزلوا، بضم الزاي. وقرأ أحمد بن موسى اللؤلؤي، عن أبي عمرو : بكسر الزاي، قال ابن خالويه. وقال الزمخشري، وعن أبي عمرو : إشمام زاي زلزلوا. انتهى، كأنه يعني :
إشمامها الكسر، ووجه الكسر في هذه القراءة الشاذة أنه أتبع حركة الزاي الأولى بحركة الثانية، ولم يعتد بالساكن، كما يعتدّ به من قال : منتن، بكسر الميم اتباعا لحركة التاء، وهو اسم فاعل من أنتن. وقرأ الجمهور : زِلْزالًا، بكسر الزاي والجحدري، وعيسى :
بفتحها، وكذا : إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها، ومصدر فعلل من المضاعف يجوز فيه الكسر والفتح نحو : قلقل قلقالا. وقد يراد بالمفتوح معنى اسم الفاعل، فصلصال بمعنى مصلصل، فإن كان غير مضاعف، فما سمع منه على فعلان، مكسور الفاء نحو : سرهفه سرهافا.
وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ : وهم المظهرون للإيمان المبطنون الكفر. وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ : هم ضعفاء الإيمان الذين لم يتمكن الإيمان من قلوبهم، فهم على حرف، والعطف دال على التغاير، نبه عليهم على جهة الذم.
لما ضرب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم الصخرة، وبرقت تلك البوارق، وبشر بفتح فارس والروم واليمن والحبشة، قال معتب بن قشير : يعدنا محمد أن نفتح كنوز كسرى وقيصر ومكة، ونحن لا يقدر أحدنا أن يذهب إلى


الصفحة التالية
Icon