البحر المحيط، ج ٨، ص : ٤٩٨
عليه نحو : ما زاد المال إلا النقص، فلا يمكن توجه الزيادة على النقص، ولأنه قال :
استثناء من غير الجنس. وقال مالك : بمعنى مملوك فناقض. وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً : أي راقبا، أو مراقبا، ومعناه : حافظ وشاهد ومطلع، وهو تحذير عن مجاوزة حدوده وتخطي حلاله وحرامه.
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ وَلكِنْ إِذا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً، إِنْ تُبْدُوا شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً، لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبائِهِنَّ وَلا أَبْنائِهِنَّ وَلا إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ أَخَواتِهِنَّ وَلا نِسائِهِنَّ وَلا ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً، إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً، إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً، وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً.
في الصحيحين، أنه صلّى اللّه عليه وسلّم لما تزوج زينب بنت جحش، دعا القوم فطعموا ثم جلسوا يتحدثون، فأخذ كأنه يتهيأ للقيام فلم يقوموا، فلما رأى ذلك قام، وقام من القوم من قام، وقعد ثلاثة، فجاء فدخل، فإذا القوم جلوس، فرجع وأنهم قاموا فانطلقوا، وجئت فأخبرته أنهم قد انطلقوا، فجاء حتى دخل، وذهبت أدخل، فألقى الحجاب بيني وبينه، وأنزل عليه هذه الآية.
قال ابن عباس : كان ناس يتحينون طعامه، عليه الصلاة والسلام، فيدخلون عليه قبل الطعام إلى أن يدرك، ثم يأكلون ولا يخرجون، وكان يتأذى بهم، فنزلت.
وأما سبب الحجاب،
فعمر قال : يا رسول اللّه، إن نساءك يدخل عليهن البار والفاجر، فلو أمرتهن أن يحتجبن، فنزلت.
وقال مجاهد : طعم معه بعض أصحابه، ومعهم عائشة، فمست يد رجل منهم يد عائشة، فكره ذلك عليه السلام، فنزلت آية الحجاب.
ولما كان نزول الآية في شيء خاص وقع للصحابة، لم يدل ذلك على أنه لا يجوز دخول بيوت النبي إلا إن كان عن إذن إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ، بل لا يجوز دخول بيوته، عليه السلام، إلا بإذن، سواء كان لطعام أم لغيره. وأيضا فإذا كان النهي إلا بإذن إلى طعام، وهو ما تمس الحاجة إليه لجهة الأولى. وبُيُوتَ : جمع، وإن كانت الواقعة في