البحر المحيط، ج ٨، ص : ٥٠٢
من قوله : أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ، دخول العبيد والإماء دون ما ملك غيرهن. وقيل :
مخصوص بالإماء، وقيل : جميع العبيد ممن في ملكهن أو ملك غيرهن. وقال النخعي : يباح لعبدها النظر إلى ما يواريه الدرع من ظاهر بدنها، وإذا كان للعبد المكاتب ما يؤدي، فقد أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بضرب الحجاب دونه، وفعلته أم سلمة مع مكاتبها نبهان.
وَاتَّقِينَ اللَّهَ : أمر بالتقوى وخروج من الغيبة إلى الخطاب، أي واتقين اللّه فيما أمرتن به من الاحتجاب، وأنزل اللّه فيه الوحي من الاستتار، وكأن في الكلام جملة حذفت تقديره : اقتصرن على هذا، واتقين اللّه فيه أن تتعدينه إلى غيره. ثم توعد بقوله : إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً، من السر والعلن، وظاهر الحجاب وباطنه، وغير ذلك.
شَهِيداً : لا تتفاوت الأحوال في علمه. وقرأ الجمهور : وَمَلائِكَتَهُ نصبا وابن عباس، وعبد الوارث عن أبي عمرو : رفعا. فعند الكوفيين غير الفراء هو عطف على موضع اسم إن، والفراء يشترط خفاء إعراب اسم إن. وعند البصريين هو على حذف الخبر، أي يصلي على النبي، وملائكته يصلون، وتقدم الكلام على كيفية اجتماع الصلاتين في قوله :
هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ. فالضمير في يُصَلُّونَ عائد على اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ، وقيل : في الكلام حذف، أي يصلي وملائكته يصلون، فرارا من اشتراك الضمير، والظاهر وجوب الصلاة والسلام عليه، وقيل : سنة. وإذا كانت الصلاة واجبة فقيل :
كلما جرى ذكره قيل في كل مجلس مرة. وقد ورد في الحديث في الصلاة عليه، فضائل كثيرة.
وروي أنه لما نزلت هذه الآية قال قوم من الصحابة : السلام عليك يا رسول اللّه عرفناه، فكيف نصلي عليك قال :«قولوا اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، وارحم محمدا وآل محمد، كما رحمت وباركت على إبراهيم، في العالمين إنك حميد مجيد».
وفي بعض الروايات زيادة ونقص. إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ،
قال ابن عباس : نزلت في الذين طعنوا عليه حين اتخذ صفية بنت حيي زوجا.
انتهى. والطعن في تأمير أسامة بن زيد : أن إيذاءه عليه السّلام، وإيذاء اللّه والرسول فعل ما نهى اللّه ورسوله عنه من الكفر والمعاصي، وإنكار النبوة ومخالفة الشرع، وما يصيبون به الرسول من أنواع الأذى. ولا يتصور الأذى حقيقة في حق اللّه، فقيل : هو على حذف مضاف، أي يؤذون أولياء اللّه، وقيل : المراد يؤذون رسول اللّه، وقيل : في أذى