للاشتراك في اللفظ يحتاج إلى دليل. وقال أبو الحسن الكرخي : إن عقد النكاح بلفظ الإجارة جائز، لقوله تعالى اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وقال أبو بكر الرازي : لا يصح، لأنّ الإجارة عقد مؤقت، وعقد النكاح مؤبد، فهما متنافيان خالِصَةً مصدر مؤكد، كوعد اللّه، وصبغة اللّه، أى : خلص لك إحلال ما أحللنا لك خالصة، بمعنى خلوصا، والفاعل والفاعلة في المصادر غير عزيزين، كالخارج والقاعد، والعافية والكاذبة. والدليل على أنها وردت في أثر الإحلالات الأربع مخصوصة برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على سبيل التوكيد لها قوله : قَدْ عَلِمْنا ما فَرَضْنا عَلَيْهِمْ في أَزْواجِهِمْ وَما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ بعد قوله مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وهي جملة اعتراضية، وقوله لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ متصل بخالصة لك من دون المؤمنين، ومعنى هذه الجملة الاعتراضية أنّ اللّه قد علم ما يجب فرضه على المؤمنين في الأزواج والإماء، وعلى أى حدّ وصفة يجب أن يفرض عليهم ففرضه، وعلم المصلحة في اختصاص رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بما اختصه به ففعل ومعنى لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ لئلا يكون عليك ضيق في دينك :
حيث اختصصناك بالتنزيه واختيار ما هو أولى وأفضل، وفي دنياك : حيث أحللنا لك أجناس المنكوحات وزدنا لك الواهبة نفسها. وقرئ : خالصة، بالرفع، أى : ذاك خلوص لك وخصوص من دون المؤمنين ومن جعل خالصة نعتا للمرأة، فعلى مذهبه : هذه المرأة خالصة لك من دونهم وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً للواقع في الحرج إذا تاب رَحِيماً بالتوسعة على عباده. روى أن أمهات المؤمنين حين تغايرن وابتغين زيادة النفقة وغظن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، هجرهنّ شهرا، ونزل التخيير، فأشفقن أنّ يطلقهنّ، فقلن : يا رسول اللّه، افرض لنا من نفسك ومالك ما شئت «١». وروى أن عائشة رضى اللّه عنها قالت : يا رسول اللّه إنى أرى ربك يسارع في هواك «٢» تُرْجِي بهمز وغير همز : تؤخر وَتُؤْوِي تضمّ، يعنى : تترك مضاجعة من تشاء منهن، وتضاجع من تشاء. أو تطلق من تشاء، وتمسك من تشاء.

__
(١). هذا ملفق من أحاديث. فأوله عند مسلم من طريق أبى الزبير عن جابر قال «دخل أبو بكر على النبي صلى اللّه عليه وسلم والناس على الباب جلوس... الحديث» وفيه قول أبى بكر وعمر قال «فضحك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقال : هن حولي كما ترى يسألننى النفقة - فذكر الحديث - وفيه : فأنزل اللّه آية التخيير» وقوله «و هجرهن شهرا» هذا هو من حديث عائشة في الصحيحين. وقوله «تأشفقن أن يطلقهن - إلى آخره» أخرجه ابن أبى شيبة من رواية رزين أن النبي صلى اللّه عليه وسلم أراد أن يفارق نساءه فقلن له : اقسم لنا من نفسك ومالك ما شئت ودعنا على حالنا» وهذا مرسل. وروى ابن مردويه من طريق سالم الأفطس عن مجاهد قال كان للنبي صلى اللّه عليه وسلم تسع نسوة وخشين أن يطلقهن، فقلن : يا رسول اللّه اقسم لنا من نفسك ومالك ما شئت ولا تطلقنا. فنزلت تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ الآية
(٢). متفق عليه من حديث هشام عن أبيه عن عائشة في أثناء حديث ووهم الحاكم فاستدركه


الصفحة التالية
Icon