أكبر، وسبحان اللّه وبحمده، وأستغفر اللّه ولا حول ولا قوّة إلا باللّه، هو الأوّل والآخر والظاهر والباطن بيده الخير يحيى ويميت وهو على كل شيء قدير» «١» وتأويله على هذا، أن للّه هذه الكلمات يوحد بها ويمجد، وهي مفاتيح خير السماوات والأرض : من تكلم بها من المتقين أصابه، والذين كفروا بآيات اللّه وكلمات توحيده وتمجيده، أولئك هم الخاسرون.
[سورة الزمر (٣٩) : آية ٦٤]
قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ (٦٤)
أَفَغَيْرَ اللَّهِ منصوب بأعبد. وتَأْمُرُونِّي اعتراض. ومعناه، أفغير اللّه أعبد بأمركم، وذلك حين قال له المشركون : استلم بعض آلهتنا ونؤمن بإلهك. أو ينصب بما يدل عليه جملة قوله تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ لأنه في معنى تعبدوننى وتقولون لي : اعبد، والأصل : تأمروننى أن أعبد، فحذف «أن» ورفع الفعل، كما في قوله :
ألا أيهذا الزّاجرى أحضر الوغى «٢»
ألا تراك تقول : أفغير اللّه تقولون لي اعبده، وأ فغير اللّه تقولون لي أعبد، فكذلك أفغير اللّه تأمروننى أن أعبده. وأ فغير اللّه تأمروننى أن أعبد، والدليل على صحة هذا الوجه : قراءة من قرأ أَعْبُدُ بالنصب. وقرئ : تأمروننى، على الأصل. وتأمرونى، على إدغام النون أو حذفها.
[سورة الزمر (٣٩) : الآيات ٦٥ إلى ٦٦]
وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ (٦٥) بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (٦٦)
قرئ : ليحبطنّ عملك، وليحبطنّ : على البناء للمفعول. ولنحبطنّ، بالنون والياء، أى :
ليحبطنّ اللّه. أو الشرك. فإن قلت : الموحى إليهم جماعة، فكيف قال لَئِنْ أَشْرَكْتَ على التوحيد؟ قلت : معناه أوحى إليك لئن أشركت ليحبطنّ عملك، وإلى الذين من قبلك مثله، أو أوحى إليك وإلى كل واحد منهم : لئن أشركت كما تقول كسانا حلة، أى : كل واحد منا :
فإن قلت : ما الفرق بين اللامين؟ قلت : الأولى موطئة للقسم المحذوف، والثانية لام الجواب، وهذا الجواب سادّ مسدّ الجوابين، أعنى : جوابي القسم والشرط. فإن قلت : كيف صح هذا
(١). أخرجه أبو يعلى وابن أبى حاتم والعقيلي والبيهقي في الأسماء والطبراني في الدعاء كلهم من رواية أغلب بنى تميم حدثنا مخلد أبو الهذيل عن عبد الرحيم. وعبد الرحمن بن عدى عن عبد اللّه بن عمر به، وذكره ابن الجوزي في الموضوعات من هذا الوجه. وله وجه آخر عند ابن مردويه. من طريق كلب بن وائل عن عمر ورواه ابن مردويه عن الطبراني بإسناد آخر إلى ابن عباس «أن عثمان - فذكره» وفيه سلام بن وهب الجندي عن أبيه ولا أعرفهما.
(٢). تقدم شرح هذا الشاهد بالجزء الأول صفحة ١٥٩ فراجعه إن شئت اه مصححه.