لما ذكر تعالى مآل السابقين وهم المقربون، عطف عليهم بذكر أصحاب اليمين وهم الأبرار، كما قال ميمون بن مهران : أصحاب اليمين منزلتهم دون المقربين، فقال :﴿ وَأَصْحَابُ اليمين مَآ أَصْحَابُ اليمين ﴾ أي ما حالهم وكيف مآلهم؟ ثم فسر ذلك فقال تعالى :﴿ فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ ﴾ قال ابن عباس وعكرمة : هو الذي لا شوك فيه، وعن ابن عباس : هو الموقر بالثمر، وقال قتادة : كنا نحدث أنه الموقر الذي لا شوك ليه، والظاهر أن المراد هذا وهذا، فإن سد الدنيا كثير الشوك قليل الثمر، وفي الآخرة على العكس من هذا لا شوك فيه، وفيه الثمر الكثير الذي قد أثقل أصله، كما روى الحافظ أبو بكر النجار، عن سليم بن عامر قال :« كان أصحاب رسول الله ﷺ يقولون : إن الله لينفعنا بالأعراب ومسائلهم، قال : أقبل أعرابي يوماً فقال : يا رسول الله ذكر الله في الجنة شجرة تؤذي صاحبها، فقال رسول الله ﷺ :» وما هي؟ « قال : السدر، فإن له شوكاً مؤذياً، فقال رسول الله ﷺ :» أليس الله تعالى يقول :﴿ فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ ﴾ خضد الله شوكه، فجعل مكان كل شوكة ثمرة، فإنها لتنبت ثمراً تفتق الثمرة منها عن اثنين وسبعين لوناً من طعام ما فيها لون يشبه الآخر «، وقوله :﴿ وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ ﴾ الطلح : شجر عظام يكون بأرض الحجاز، من شجر العضاه واحدته طلحة، وهو شجر كثير الشوك، وأنشد ابن جرير لبعض الحداة :
بشَّرها دليلها وقالا | غداً ترين الطلح والجبالا |