و "بالغيب]" متعلِّق بيؤمنون، ويكون مصدراً واقعاً موقعَ اسمِ الفاعلِ أو اسمِ المفعولِ. وفي هذا الثاني نظرٌ لأنه مِنْ غابَ وهو لازمٌ فكيف يُبْنَى منه اسمُ مفعولٍ حتى يَقَعَ المصدرُ موقعَه؟ إلا أن يقال إنه واقعٌ موقعَ اسمِ المفعولِ من فَعَّل مضعفاً متعدياً أي المغيَّب وفيه بُعْدٌ. وقال الزمخشري: "يجوز أن يكون مخفَّفاً من فَيْعَل نحو: هَيْن من هيِّنٍ، ومَيْت من مَيِّت"، فإنها سُمِعَتْ مخفَّفةً ومثقَّلةً، ويَبْعد أن يقالَ: التُزِم التخفيفُ في هذا خاصةً. ويجوز أن تكونَ الباءُ للحال فيتعلَّقَ بمحذوف أي: يُؤْمِنُون ملتبسينَ بالغَيْب عن المؤمِنِ بهِ، والغيبُ خينئذٍ مصدرٌ على بابه.
وهمزةُ يُؤْمِنُون -وكذا كلُّ همزةٍ ساكنةٍ- يجوز أن تُدَيَّر بحركةِ ما قبلها فَتُبَدَّلَ حرفاً/ مجانساً نحو: راس وبير ويُؤمن، فإن اتَّفق أن يكونَ قبلها همزةٌ أخرى وَجَبَ البدلُ نحو إيمان وآمن.
و "يُقيمون" عطفٌ على "يُؤمنون" فهو صلةٌ وعائدٌ. وأصلُه يُؤَقْوِمَونَ حُذفت همزةُ أَفْعَل لوقوعها بعد حرفِ المضارَعة كما تقدَّم فصار يُقْوِمون، فاستُثْقِلَتِ الكسرةُ على الواوِ فَفُعِل فيه ما فُعِل في "مستقيم"، وقد تقدَّم في الفاتحة. ومعنى يُقيمون: يُدِيمون أو يُظْهِرون، قال الشاعر:
١١٣- أَقَمْنَا لأهلِ العِراقَيْنِ سوقَ الـ * ـطِعانِ فخاموا وولَّوْا جميعاً
وقال آخر:
١١٤- وإذا يُقال أتيتُمُ لم يَبْرحوا * حتى تقيمَ الخيلُ سوقَ طِعانِ
(١/٦٢)
---