... يدرس هذا المبحث هيئة مجيء جبريل - عليه السلام - ليلقي الوحي القرآني من أول أمر الله - سبحانه وتعالى - له بالنزول حتى إلقائه القرآن على قلب النبي - ﷺ -، فقد وصف القرآن الكريم هيئة مجيء جبريل - عليه السلام - إلى النبي - ﷺ - عند إبلاغه الوحي القرآني وصفاً دقيقاً، وكان جل ذلك الوصف في سورة النجم (١)،
(١) ولا ينكر منكر على البحث إظهارَ كيفية تعليم الوحي للنبي - ﷺ - من جبريل - عليه السلام - من خلال هذه الآيات فقد ذكر ذلك عدد من أرباب التفسير، قال أبو السعود في تفسيره (٥/٤٣)، مرجع سابق: "في قوله تعالى ﴿ فَاسْتَوَى ﴾ عطف على ﴿ عَلَّمَهُ ﴾ بطريق التفسير، فإنه إلى قوله تعالى ﴿ مَا أَوْحَى ﴾ بيان لكيفية التعليم"، فإن اعتُرض بأن هذا وصف للوحي في حالين فقط كان فيهما جبريل - عليه السلام - بخلقته الأصلية، وليس وصفاً للوحي بصورته الدائمة، فالجواب: فليكن كذلك، وكما وصف اتصال جبريل - عليه السلام - بذلك في حالين، هو دأبه في اتصاله به دائماً، ما خلا صورته الأصلية؛ إذ قام الدليل على حصرها، ولا دليل على حصر بقية الأوصاف في هذه السورة في الحالين، على أن الوحي القرآني النازل على القلب، يأخذ صورة غير الصورة التي يأتيه فيها الملك بصورة رجل، كما هو ظاهر من وصف نزوله بالقرآن بأنه (على القلب)..