التي صُدِّرت آياتها بإعلاء شأن النبي - ﷺ - بياناً للإرادة الإلهية في اختياره للنبوة، وإبلاغ كلام الله للناس، والهجوم على قادحٍ في ذلك يلقيه شياطين الإنس والجن... فلما قال - عز وجل - ﴿ إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى ﴾ "النجم/٤"، استؤنف الكلام استئنافاً بيانياً، كأنه قيل: فكيف يأتيه هذا الوحي؟، ومن يأتيه به؟، وكيف يلقيه إليه فيعيه، ولا يفارقنا؟، وكيف يأتيه الوحي القرآني وهو كلام الله - عز وجل -، فيطيقه وهو بشر؟، فقال الله - سبحانه وتعالى - ﴿ عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى... ﴾ "النجم/٥"، فسورة النجم: "مقصودها ذم الهوى، لإنتاجه الضلال والعمى... والحث على اتباع النبي - ﷺ - في نذارته التي بينتها سورة (ق)، وصدقتها سورة الذاريات، وأوقعتها وعينتها الطور" (١).
ومن ثم فلا إنكار على سائل على كيفية اتصال الملك بالنبي - ﷺ -، للتفاوت في الخِلْقَة بين عالم الملائكة الذين هيأهم الله - سبحانه وتعالى - بقوى بها يكونوا عنده، وبين البشر الذين الذين يضعفون عن مشاهدة عالم الملائكة أو الجن فضلاً عن تحملهم للوحي الإلهي، فاحتاجوا إلى الواسطة لنقل هذا الوحي"ولما كان الوحي ظاهراً في كونه بواسطة المَلَك، تشوف السامع إلى بيان ذلك؛لأن ذلك أضخم في حقه - ﷺ - وأعلى لمقداره" (٢).

(١) انظر: نظم الدرر في تناسب الآيات والسور ١٩/٤٠، مرجع سابق.
(٢) انظر: نظم الدرر في تناسب الآيات والسور ١٩/٤٠، مرجع سابق.


الصفحة التالية
Icon