٥- بعد استعداده لتنفيذ الأمر يبدأ بالنزول بسرعة يعلم مقدارها من أودع فيه القوة الهائلة لتبليغ الوحي القرآني إلى الرسول - ﷺ - حيث كان، فلا يبالي بمكانه في بيت أوفي فراش أو بين أصحابه أوفي جهاده كما تقدم (١)، ﴿ ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى ﴾ "النجم/٨"، والدنو: هو القرب، والمراد إلى حيث يبلغ الوحي وذلك إلى مكانه المحدد من الأرض "وإذ كان فعل الدنو، قد عطف بـ ﴿ ثُمَّ ﴾ على ﴿ اسْتَوَى ﴾ ﴿ بِالأُفُقِ الأَعْلَى ﴾ علم أنه دنا إلى العالم الأرضي، أي أخذ في الدنو بعد أن تلقى ما يبلغه إلى الرسول - ﷺ -، و ﴿ فَتَدَلَّى ﴾ انخفض من علو قليلاً، أي ينزل من طبقات إلى ما تحتها، كما يتدلى الشيء المعلق في الهواء بحيث لو رآه الرائي يحسبه متدلياً، وهو ينزل إلى السماء غير منقضٍ" (٢).
٦- يزداد اقترابه من النبي - ﷺ - حتى يصبح على مسافة قوسين منه أو أدنى ﴿ فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ﴾ "النجم /٩".
وفائدة قوله ﴿ أَوْ أَدْنَى ﴾ بيان دقة وصف المسافة بينهما؛ إذ ﴿ أو ﴾ فيه للتخيير في التقدير، وهو مستعمل في التقريب، أي إن أراد أحد تقريب هذه المسافة فهو مخير بين أن يجعلها قاب قوسين أو أدنى أي لا أزيد، إشارة إلى أن التقدير لا مبالغة فيه.

(١) في الفصل الثاني- المبحث الثاني.
(٢) انظر: التحرير والتنوير ٢٦/٩٦، مرجع سابق.


الصفحة التالية
Icon