غير أننا ألفينا الكونين النقيضين- في صيرورتهما- يقومان بالتغدية السردية، الأمر الذي يحيل إلى بناء الشخصية من الداخل ومن الخارج. حيث نجد مظاهر الكونين يتقاطعان في تصرفات الشخصية وخطابها.
لقد شكلت ثنائية الكوخ والقصر، حالات تعبيرية وجدانية تصل الصورة بمعناها في حركة استبطانية، لا تعتمد المفردة في حالاتها المعبرة وإنما تسايرها في دمج المستوى البصري للصورة بالمستوى التأملي، ولعل هذا يكون واضحاً في الدلالة الانتشارية للقصر والدلالة الانحصارية للكوخ.
القصر -------------> دلالة مفتوحة
الكوخ -------------> دلالة مغلقة
ولاشك أننا سنتلمّس دلالة المفتوح مستمرة عبر المسار السردي، على حين تبقى دلالة المغلق في توار وخفوت.
*الفصل الثاني: يبدأ مباشرة من حيث انتهى الفصل الأول.
قال تعالى: { وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً، وَكَذلِكَ نَجْزِي المُحْسِنيِنَ، ودَخَلَ المدينةَ(١) عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِن أَهْلِهَا، فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ، هَذَا مِنْ شِيَعتِهِ، وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ، فَاسْتَغَاثُه الذِي مِنْ شيَعتِهِ، عَلَى الذِّي مِنْ عَدُوِّهِ، فَوَكَزَهُ(٢) مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ، قَالَ: هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ. إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ، قَالَ: رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي، فَاغْفِرْ لِي، فَغَفَرَ لَهُ، إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ، قَالَ: رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَن أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمينَ.
(٢) فوكزه. أي فضربه بجمع يده، أي بيده مجموعة الأصابع- ينظر نفس المصدر ص٤٢