فَأَصْبَحَ فِي المدِينَةِ خَائِفاً يَتَرَقَّبُ، فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ، قَالَ لَهُ مُوسَى: إِنَّكَ لَغَويٌّ مُبِينٌ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا، قَاَلَ: يا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْساً بِالأَمْسِ، إِنْ تُرِيدُ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ المُصْلِحِينَ } (١).
يمكننا عنونة هذا الفصل بـ موسى الراشد(٢).
يوجد في هذا الفصل القصصي مشهدان رئيسيان:
أ)-المشهد الأول: صورة البطل التقليدي المتميز بالبطولة التقليدية أو ببطولة الخوارق.
ب)-أما المشهد الثاني، فهو نفس المشهد مع تغيّر طفيف يتمثل في تعقل البطل واتزانه.
إن أول ما يلفت الانتباه في هذين المشهدين، هو أن البنية النصية التي تشكلهما، تتقاطع مع نظرية الرواية الجديدة في نقطة وتتفارق معها في أخرى.
- نقطة التقاطع: تظهر في محاولة ربط البطل بصورة مشوشة مضطربة وهي في نموها تخضع للخيط التصاعدي للمراحل التي مرّ بها البطل.
- نقطة المفارقة: تظهر في كون الشخصية تتمتع بحضور متميز داخل هذا العمل- وهي سمة الرواية التقليدية- مما يجعلها نقطة ارتكاز تتمحور حولها كل مكونات الخطاب القرآني الأمر الذي جعلها تحقق المقولة النقدية "القصة فن الشخصية"(٣).
ولعلنا نلاحظ أيضاً- وبقراءة واحدة- أن في المشهدين إشارة واضحة لوعي مادتهما السردية، وبخاصة ما يتعلق بالشخصية الرئيسية.
لقد ألفينا السردية القرآنية تشي ببعض مقوّماتها الداخلية والخارجية.
-فموسى البطل، قوي الجسم، قوة خارقة لدرجة أنه قضى على قبطي بوكزة واحدة،

(١) الآيات ١٤ إلى ١٩ من سورة القصص..
(٢) عنوان الفصل الأول موسى الرضيع.
(٣) طه وادي: دراسات نقد الرواية- الهيئة المصرية العامة للكتاب- القاهرة/ ط١/ ١٩٨١. ص٢٨.


الصفحة التالية
Icon