من ذلك مثلاً قوله تعالى ﴿ يَا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُم إِلَى الأَرْضِ ﴾ (١) حدث ذلك "لما دعا ﷺ الناس إلى غزوة تبوك، وكانوا في عسرة وشدّة حرٍّ، فشقّ عليهم"(٢).
ولعلنا نلاحظ أن عدم الاستجابة للمشاركة في الغزوة، تجسده هذه المفردة اثاقلتم.
وبقراءة كشفية تفكيكية نكتشف التباطؤ والتثاقل ثم الرفض.
ولعل هذه الرسمة توضح ذلك
في هذا المخطط تبدأ الحركة كالآتي:
لمجرد سماع الخبر، هَمَّ الحضور إلى القيام. ثم لما علموا أنها غزوة تراجعوا.
هذا التراجع والتردد يرسمه المثلث (إ- ثّ- ا).
غير أن بقية الحروف- وباعتماد ترتيب مخارجها- نكتشف أنهم قرروا عدم المشاركة نهائياً.
يوضح هذا، الخط المستقيم (ق ل ت م). لأنها تخرج من الخلف إلى الأمام(٣)مرتبة لتنتهي عند الميم، الحرف الذي يحسم الموقف، ويجسّد الرفض.
وبعودتنا إلى مفردات قصتنا نلاحظ أن:
المقطع (أ) ﴿ولَما بَلَغَ أشُدَّهُ واسْتَوى آتَيْناهُ حُكْمَاً وَعِلْماً﴾(٤). به مفردات تنوب عن الشخصية، ذلك أن كلمة "أشد" مثلاً توحي بالقوة، وتعطي فكرة عن صورة البطل الجسدية والعضلية، فضلاً عن الدال المشددة، وما تشيعه كلمة "فاستوى" من وصول البطل إلى مرحلة نضجت فيها كل قواه.
ولتجلية ذلك- وللتوّ- يمدنا السرد القرآني بمشهد عملي يجسده هذا
المقطع (ب)، وهو قوله ﴿ فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ فوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى
عَلَيْهِ ﴾
(٥).
قيل: بضربة واحدة قتل القبطي. ألا يدل هذا على قوة خارقة؟.

(١) الآية ٣٨ من سورة التوبة.
(٢) السيوطي: تفسير الجلالين- ص٢٥٤.
(٣) * ق: تخرج من الحلق. ل: من ذلق اللسان أي طرفه. ت: نطع الفم أي الحنك الأعلى. م: الشفاه.
(٤) الآية ١٤ من سورة القصص.
(٥) الآية ١٥ من سورة القصص.


الصفحة التالية
Icon