معاني القرآن، ج ١، ص : ٤٣
و جمل. وإنما انصرفت إذا سمّى بها النّساء لأنها تردّد وتكثر بها التّسمية فتخف لكثرتها، واسماء البلدان لا تكاد تعود «١». فإن شئت جعلت الألف التي فى «مصرا» ألفا يوقف عليها، فإذا وصلت لم تنوّن فيها، كما كتبوا «سلاسلا» وَوارِيرَ»
«٢» بالألف، وأكثر القراء على ترك الإجراء فيهما. وإن شئت جعلت «مصر» غير المصر التي تعرف، يريد اهبطوا مصرا من الأمصار، فإن الذي سألتم لا يكون إلا فى القرى والأمصار. والوجه الأوّل أحبّ إلىّ لأنها فى قراءة عبد اللّه «اهبطوا مصر» بغير ألف، وفى قراءة أبىّ :«اهبطوا فإنّ لكم ما سألتم واسكنوا مصر» «٣» وتصديق ذلك أنها فى سورة يوسف بغير ألف :«ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ» «٤».
وقال الأعمش وسئل عنها فقال : هى مصر التي عليها صالح بن علىّ «٥».
وقوله : خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ... (٦٣)
يقول : بجدّ وبتأدية ما افترض عليكم فيه.
وقوله : فَجَعَلْناها نَكالًا لِما بَيْنَ يَدَيْها وَما خَلْفَها... (٦٦)
يعنى المسخة التي مسخوها جعلت نكالا لما مضى من الذنوب ولما يعمل بعدها : ليخافوا أن يعملوا بما عمل الذين مسخوا فيمسخوا.
وقوله : أَتَتَّخِذُنا هُزُواً قالَ... (٦٧)
و هذا فى القرآن كثير بغير الفاء، وذلك لأنه جواب يستغنى أوّله عن آخره بالوقفة عليه، فيقال : ماذا قال لك؟ فيقول القائل : قال كذا وكذا فكأنّ «٦» حسن
(٢) آية ٤ وآية ١٥ سورة الإنسان.
(٣) هذه القراءة المنسوبة لأبى لم نقف عليها فى غير أصول الفرّاء مما بين أيدينا من المراجع.
(٤) آية ٩٩ من السورة المذكورة.
(٥) صالح بن على بن عبد اللّه بن العباس أوّل من ولى مصر من قبل أبى العباس السفاح سنة ١٣٣ وتوفى بقنسرين وهو عامل على حمص سنة ١٥٤.
(٦) فى ج، ش :«فلما حسن السكوت... إلخ».