معاني القرآن، ج ١، ص : ٤٩
فيحيا، كما قال :«أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ» «١» والمعنى - واللّه أعلم - فضرب البحر فانفلق.
وقوله : وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ... (٧٣)
تذكير مِنْهُ على وجهين إن شئت ذهبت به - يعنى «مِنْهُ» «٢» - إلى أن البعض حجر، وذلك مذكر، وإن شئت جعلت البعض جمعا فى المعنى فذكّرته بتذكير بعض، كما تقول للنسوة : ضربنى بعضكنّ، وإن شئت أنثته هاهنا بتأنيث المعنى كما قرأت القرّاء :«وَ مَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ» «٣» «و من تقنت» بالياء والتاء، على المعنى، وهى فى قراءة أبىّ :«و إنّ من الحجارة لما يتفجّر منها الأنهار».
وقوله : لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَّ وَإِنْ هُمْ... (٧٨)
فالأمانىّ على وجهين فى المعنى، ووجهين فى العربية فأما فى العربية فإنّ من العرب من يخفّف الياء فيقول :«إِلَّا أَمانِيَّ وَإِنْ هُمْ» ومنهم من يشدّد، وهو أجود الوجهين.
وكذلك ما كان مثل أمنيّة، ومثل أضحيّة، وأغنيّة، ففى جمعه وجهان : التخفيف والتشديد، وإنما تشدّد لأنك تريد الأفاعيل، فتكون مشدّدة لاجتماع الياء من جمع «٤» الفعل والياء الأصلية. وإن خفّفت «٥» حذفت ياء الجمع فخففت الياء الأصلية، وهو كما يقال : القراقير «٦» والقراقر، (فمن قال الأمانى بالتخفيف) «٧» فهو الذي يقول القراقر، ومن شدّد الأمانى فهو الذي يقول القراقير. والأمنيّة فى المعنى التلاوة، كقول اللّه عزّ وجلّ :
«إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ» «٨» أي فى تلاوته، والأمانىّ أيضا أن يفتعل

(١) آية ٦٣ سورة الشعراء.
(٢) يعنى «منه» ليست فى ج، ش، ويبدو أنها تفسير لعبارة المؤلف من المستملي.
(٣) آية ٣١ سورة الأحزاب. و«يقنت» حملا على لفظ «من» وبالتاء من فوق حملا على المعنى. [.....]
(٤) فى أ: «جميع» يريد الحادثة فى صيغة الأفاعيل.
(٥) فى ج، ش :«و إذا خففت...».
(٦) قراقير وقراقر جمع قرقور بالضم وهى السفينة العظيمة الطويلة.
(٧) فى أ: «فمن خفف الأمانى».
(٨) آية ٥٢ سورة الحج.


الصفحة التالية
Icon