معاني القرآن، ج ١، ص : ٥٨
و لا تثنية إذا جعلت «ما» صلة لها فتصير «ما» مع «نعم» بمنزلة «ذا» من «١» «حبّذا» ألا ترى أنّ «حبذا» لا يدخلها تأنيث ولا جمع. ولو جعلت «ما» على جهة الحشو «٢» كما تقول : عما قليل آتيك، جاز فيه التأنيث والجمع، فقلت : بئسما رجلين أنتما، وبئست ما جارية جاريتك. وسمعت العرب تقول فى «نعم» المكتفية بما : بئسما «٣» تزويج ولا مهر، فيرفعون التزويج ب «بِئْسَمَا».
وقوله : بَغْياً أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ... (٩٠)
موضع «أن» جزاء، وكان الكسائي يقول فى «أن» : هى فى موضع خفض، وإنما هى جزاء «٤».
إذا كان الجزاء لم يقع عليه شىء قبله (وكان) «٥» ينوى بها الاستقبال كسرت «إن» وجزمت بها فقلت : أكرمك إن تأتنى. فإن كانت ماضية قلت : أكرمك أن تأتينى. وأبين من ذلك ان تقول : أكرمك أن أتيتنى كذلك قال الشاعر :
أ تجزع أن بان الخليط المودّع وحبل الصّفا من عزّة المتقطّع
يريد أتجزع بأن، أو لأن كان ذلك. ولو أراد الاستقبال ومحض الجزاء لكسر «إن» وجزم بها، كقول اللّه جلّ ثناؤه :«فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا» «٦» فقرأها القرّاء بالكسر، ولو قرئت بفتح «أن» على معنى [إذ لم يؤمنوا «٧»] ولأن لم يؤمنوا، ومن أن لم يؤمنوا [لكان صوابا] «٨» وتأويل «أن» فى موضع نصب، لأنها إنما كانت «٩» أداة بمنزلة «إذ» فهى فى موضع نصب إذا ألقيت الخافض وتمّ
(٢) يريد بالحشو أنها زائدة غير كافة عن العمل. [.....]
(٣) يريد رفع التزويج ببئس، و«ما» لا موضع لها لتركيبها مع بئس تركيب «ذا» مع «حب».
(٤) فى ش، ج بعد هذا زيادة :«فى قول الفراء».
(٥) فى أ: «فكان».
(٦) آية ٦ سورة الكهف.
(٧) ساقط من أ.
(٨) زيادة تقتضيها العبارة.
(٩) فى ج، ش :«إنما أداة إلخ». وكتب فى ش فوق السطر «هى» بين «إنما» و«أداة».