معاني القرآن، ج ١، ص : ٦٤
و قوله : وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ... (١٠٢)
القرّاء يقرءون «الْمَلَكَيْنِ» من الملائكة. وكان ابن عباس يقول :
«الْمَلَكَيْنِ» من الملوك.
وقوله : فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ... (١٠٢)
أما السّحر فمن عمل الشياطين، فيتعلمون من الملكين كلاما إذا قيل أخذ «١» به الرجل عن امرأته. ثم قال : ومن قول الملكين إذا تعلّم منهما ذلك : لا تكفر.
إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ، فَيَتَعَلَّمُونَ ليست بجواب لقوله : وَما يُعَلِّمانِ إنما هى مردودة على قوله : يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ فيتعلّمون ما يضرهم ولا ينفعهم فهذا وجه. ويكون «فَيَتَعَلَّمُونَ» متصلة بقوله :«إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ» فيأبون فيتعلّمون ما يضرّهم، وكأنه أجود الوجهين فى العربية «٢». واللّه أعلم.
وقوله : ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها... (١٠٦)
أو ننسئها - أَوْ نُنْسِها عامة القرّاء يجعلونه من النسيان، وفى قراءة عبد اللّه :/ «ما ننسك من آية أو ننسخها نجىء بمثلها أو خير منها» وفى قراءة سالم مولى أبى حذيفة :«ما ننسخ من آية أو ننسكها»، فهذا يقوّى النّسيان.
والنّسخ أن يعمل بالآية ثم تنزل الأخرى فيعمل بها وتترك الأولى. والنّسيان هاهنا على وجهين : أحدهما - على الترك نتركها فلا ننسخها كما قال اللّه جل ذكره :
«نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ» «٣» يريد تركوه فتركهم. والوجه الآخر - من النّسيان الذي

(١) أخذ (بتشديد الخاء) : حبس ومنع. وقد أخذت الساحرة الرجل تأخيذا.
(٢) لعل الوجه الأوّل هو ما أشار إليه المؤلف أوّلا، وهو عطف «فيتعلمون» على موضع «ما يعلمان» وقد أجازه بعضهم لأن قوله :«و ما يعلمان» وإن دخلت عليه ما النافية فمضمنه الإيجاب فى التعليم. وهناك أعاريب أخرى.
(٣) آية ٦٧ سورة التوبة.


الصفحة التالية
Icon