معاني القرآن، ج ١، ص : ٦٨
فأدخل على «لقد» لا ما أخرى لكثرة ما تلزم العرب اللام فى «لقد» حتى صارت كأنها منها. وأنشدنى بعض بنى أسد :
لددتهم النّصيحة كلّ لدّ فمجّوا النّصح ثم ثنوا فقاءوا
فلا واللّه لا يلفى لما بي ولا للمابهم أبدا دواء «١»
و مثله قول الشاعر :
كما ما امرؤ فى معشر غير رهطه ضعيف الكلام شخصه متضائل
قال :«كما» ثم زاد معها «ما» أخرى لكثرة «كما» فى الكلام فصارت كأنها منها. وقال الأعشى :
لئن منيت بنا عن غبّ معركة لا تلفنا من دماء القوم ننتفل «٢»
فجزم «لا تلفنا» والوجه الرفع كما قال اللّه :«لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ» «٣» ولكنه لمّا جاء بعد حرف ينوى به الجزم صيّر جزما جوابا للمجزوم وهو فى معنى رفع. وأنشدنى القاسم بن معن (عن العرب) «٤» :

(١) البيتان من قصيدة طويلة لمسلم بن معبد الوالبي. والشاهد فى قوله :«للما» حيث كررت فيه اللام للتأكيد وهى حرف واحد بدون ذكر مجرور الأولى، وهو على غاية الشذوذ والقلة، والقياس (لما بهم لما بهم). ولددتهم هنا بمعنى ألزمتهم يقول : ألزمتهم النصيحة كل الإلزام فلم يقبلوا، ولا يوجد شفاء لما بي من الكدر ولا لما بهم من داء الحسد. ويروى عجز البيت :
و ما بهم من البلوى دواء وانظر الخزانة ١/ ٣٦٤.
(٢) منيت : أي بليت وقدر لك. و«عن غب معركة» «عن» بمعنى بعد، والغب : العاقبة.
وانتقل من الشيء : انتفى منه وتنضل. والشاهد فى البيت أن الشرط قد يجاب مع تقدم القسم عليه، وهو قليل خاص بالشعر.
وقال ابن هشام : إن اللام فى «لئن» زائدة وليست موطئة كما زعم الفراء.
(٣). ١٢ آية سورة الحشر.
(٤) سقط فى أ.


الصفحة التالية
Icon