وكأن معنى هذا القول الكريم: لو ارتقينا في مطلبهم، وأنزلنا لهم سُلَّماً يصعدون به إلى أعلى؛ ليقولوا: إن الحق هو الذي بعث محمداً بالرسالة، بدلاً من أن ينزل إليهم ملك حسب مطلبهم؛ لَمَا آمنوا بل لقالوا: إن هذا من فعل سحر قام به محمد ضدهم. وهكذا يرتقون في العناد والجحود.
ولابُدَّ أن نلحظ أن الحق سبحانه قد جاء هنا بكلمة: ﴿فَظَلُّواْ... ﴾ [الحجر: ١٤]
ولم يقل «وكانوا»، ذلك أن «كان» تُستخدمِ لِمُطلْق الزمن، و «ظل» للعمل نهاراً، و «أمسى» للعمل ليلاً، أي: أن كل كلمة لها وَقْت مكتوب، والمقصود من «ظَلُّوا» هنا أن الحق سبحانه لن ينزل لهم السُّلَّم الذي يعرجُون عليه إلا في منتصف النهار، ولكنهم أصرُّوا على الكفر.
لذلك قال سبحانه: ﴿... فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ﴾ [الحجر: ١٤]
أي: لن نأخذهم بالليل، حتى لا يقولوا إن الدنيا كانت مظلمة ولم نر شيئاً، ولكنه سيكون في وضح النهار. أي: أن الله حتى لو فتح باباً في السماء يصعدون منه إلى الملأ الأعلى في وضح النهار لكذَّبوا.
وبعد ذلك ينقلنا الحق سبحانه إلى الكون لِيُرينَا عجيبَ آياته، فيقول: ﴿وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السماء... ﴾


الصفحة التالية
Icon