والحق سبحانه هو القائل: ﴿قُل لَّوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَآئِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لأمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإنفاق وَكَانَ الإنسان قَتُوراً﴾ [الإسراء: ١٠٠]
وذلك ليوضح لنا الحق سبحانه أن الإنسان يظنُّ أن ذاتيته هي الأصل، وأن نفعيته هي الأصل، وحتى في قضايا الدين؛ قد يتبع العبد قوله الحق: ﴿وَيُؤْثِرُونَ على أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ... ﴾ [الحشر: ٩]
ومَنْ يفعل ذلك إنما يفعل في ظاهر الأمر أنه يُؤْثِر الغيرَ على نفسه؛ ولكن الواقع الحقيقي أنه يطمع فيما أعدَّه الله له من حُسْن جزاء في الدنيا وفي الآخرة.
إذن: فأَصْل العملية الدينية أيضاً هو الذات؛ ولذلك نجد مَنْ يقول: أنا أُحِب الإيمان؛ لأن فيه الخيرية، يقول الحق سبحانه: ﴿وَإِنَّهُ لِحُبِّ الخير لَشَدِيدٌ﴾ [العاديات: ٨]
وفيه أنانية ذكية تتيح لصاحبها أَخْذ الثواب على كل عمل يقوم به لغيره، وهذا لون من الأنانية الذكية النافعة؛ لأنها انانية باقية، ولها عائد إيماني.