يقول: لقد شهدتُ مائة زَحْف أو زهاءها، وما في جسدي شبر إلا وفيه ضربة بسيف، أو طعنة برُمْح، وها أنذا أموت على فراشي كما يموت البعير، فلا نامتْ أعين الجبناء.
ثم يناقشهم القرآن: هَبُوا أنكم فررتُم من الموت أو القتل، أتدوم لكم هذه السلامة؟ أتخلدون في هذه الحياة؟ ﴿وَإِذاً لاَّ تُمَتَّعُونَ إِلاَّ قَلِيلاً﴾ [الأحزاب: ١٦] وسرعان ما تنتهي الحياة، وتواجهون الموت الذي لا مَفَرَّ منه، وكلنا ذاهب إلى هذا المصير.
ثم يقول الحق سبحانه: ﴿قُلْ مَن ذَا الذي يَعْصِمُكُمْ... ﴾.
المعنى: قل لهم يا محمد مَن الذي ﴿يَعْصِمُكُمْ..﴾ [الأحزاب: ١٧] أي: يمنعكم ﴿مِّنَ الله إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سواءا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً..﴾ [الأحزاب: ١٧] كما قال في موضع آخر: ﴿لاَ عَاصِمَ اليوم مِنْ أَمْرِ الله إِلاَّ مَن رَّحِمَ... ﴾ [هود: ٤٣]
فإذا أراد الله بقوم سوءاً فلا عاصمَ لهم؛ لأنه لا يمتنع أحد مع الله؛ لأنه لا يوجد معه سبحانه إله آخر يدفع السوء عن هؤلاء.


الصفحة التالية
Icon