وفَرْق أيضاً هنا بين لَبُوس ولباس: اللباس هو ما يقي الإنسان تقلبات الجو، ويستر عورته أثناء الأمن وسلام الحياة، وهذه هي الملابس العادية التي يرتديها الناس.
وفيها يقول الحق سبحانه: ﴿والله جَعَلَ لَكُمْ مِّمَّا خَلَقَ ظِلاَلاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنَ الجبال أَكْنَاناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الحر وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ﴾ [النحل: ٨١]
أما كلمة (لَبُوس) فهي المُعدَّة لحالة الحرب كالدروع ونحوها؛ لذلك جاءت بصيغة دالة على التضخيم (لَبُوس).
وهذه الآية تلفتنا إلى مظهر من مظاهر الدقة في الأداء القرآني المعجز، فالآية هنا ذكرت (الحَرَّ)، ولم تذكر شيئاً عن المقابل له، وهو البرد، والعلماء عادةً ما يلجئون إلى تقدير هذا المحذوف عند تفسير الآية، فيقولون: أي تقيكم الحر والبرد، يريدون أنْ يكملوا أسلوب القرآن، وهذا لا يجوز.


الصفحة التالية
Icon