هذه الأُسْوة لمَنْ؟ ﴿لِّمَن كَانَ يَرْجُو الله واليوم الآخر وَذَكَرَ الله كَثِيراً﴾ [الأحزاب: ٢١]
وصف ذكر الله بالكثرة؛ لأن التكاليف الإيمانية تتطلب من النفس استعداداً وتهيؤاً لها، وتؤدي إلى مشقة، أما ذِكْر الله فكما قُلْنا لا يكلفك شيئاً، ولا يشق عليك؛ لذلك قال تعالى: ﴿وَلَذِكْرُ الله أَكْبَرُ... ﴾ [العنكبوت: ٤٥]
يعني: أكبر من أيِّ طاعة أخرى؛ لأنه يسير على لسانك، تستطيعه في كل عمل من أعمالك، وفي كل وقت، وفي أيِّ مكان، ولذلك قُلْنا في آية الجمعة: ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصلاة فانتشروا فِي الأرض وابتغوا مِن فَضْلِ الله واذكروا الله كَثِيراً... ﴾ [الجمعة: ١٠]
أي: لما رأى المؤمنون الأحزاب منصرفين مهزومين ﴿قَالُواْ هذا مَا وَعَدَنَا الله وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ الله وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ..﴾ [الأحزاب: ٢٢] أي: هذا النصر، وهذا الوعد الذي تحقق ما زادهم ﴿إِلاَّ إِيمَاناً وَتَسْلِيماً﴾ [الأحزاب: ٢٢]
وهذه المسألة دليل من أدلة أن الإيمان يزيد وينقص، فالإيمان يزيد بزيادة الجزئيات التي تُعليه، فبعد الإيمان بالحق - سبحانه وتعالى - هناك إيمان بالجزئيات التي تثبت صِدْق الحق في كلِّ تصرف.
وتسليماً: أي لله في كلِّ ما يُجريه على العباد.


الصفحة التالية
Icon