ويقول الحق تبارك وتعالى بعد ذلك: ﴿إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الملائكة أَنِّي مَعَكُمْ... ﴾
والمولى سبحانه وتعالى هنا يبين أنه أوحى إلى الملائكة بالإلهام: أني معكم بالنصر والتأييد ﴿فَثَبِّتُواْ الذين آمَنُواْ﴾.
أي قوُّوا عزائم المؤمنين وثبتوا قلوبهم. أي اجعلوا قلوبهم كأنها مربوطة عليها فلا يخافون أية أغيار من عدوهم، ويزيد الإيضاح للمؤمنين: إياكم أن تظنوا أن كثرةَ العدَدِ أو قوةَ العُدَدِ هي التي تصنع النصر. بل النصرُ دائماً من عند الله تعالى وسبحانه القائل: ﴿كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ الله﴾ [البقرة: ٢٤٩].
وذلك لأن النسبة بين المؤمنين والكافرين غير متوازنة وتحتاج إلى مدد عال من الله تعالى. وقلنا إن السماء تتدخل إذا كان الأمر فوق أسباب الخلق، ولذلك يقول سبحانه وتعالى: ﴿أَمَّن يُجِيبُ المضطر إِذَا دَعَاهُ﴾ [النمل: ٦٢].