﴿الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (٢) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (٣) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى (٤) فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى﴾.
والأصل في الرعى أن يكون للإبل والأنعام، وقد جاء بهذا المعنى في آية طه ٥٤:
﴿كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ﴾.
واستعارة الرعى للإنسان قربية ومألوفة. ومنه الراعى والرعية.
وفي تقديم الماء على المرعى، بآية النازعات، يقول أبو حيان: إن الماء سبب المرعى.
* * *
﴿وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا﴾.
الإرساء: التثبيت والترسيخ، ومن استعماله في الحسيات: الرمى - كغبى - وهو العمود الثابت وسط الخباء، وقدر راسية: لا تبرح مكانها لعظمها. وقالوا: ألقت السفينة مراسيها إذا استقرت، وكذلك السحابة إذا أستقرت جادت.
ومنه في القرآن: ﴿وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ﴾ سبأ ٣١.
﴿بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا﴾ هود ٤١.
على أن المتدة يكثر مجيئها في الجبال، لوضوح الثبات والرسوخ فيها، والقرآن يطلق أحياناً "الرواسي" على الجبال، فيشهد هذا بأن صفة الرسو، تبدو أوضح ما تبدو في الجبال:
الرعد ٣: ﴿وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا﴾.
الحجر ١٩: ﴿وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ﴾.
ومثلها آيات: ق ٧، الأنبياء ٣١، والنمل ٦١، والمرسلات ٢٧، ولقمان ١٠، والنحل ١٥.
فإرساء الجبال، فيه هذه الدلالة الأصيلة الواضحة على الثبات والرسوخ،


الصفحة التالية
Icon