﴿ إِنَّآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ ﴾، وذلك أن عدى بن زيد وصاحبيه اليهود، قالوا للنبى صلى الله عليه وسلم: والله ما أوحى الله إليك ولا إلى أحد من بعد موسى، فكذبهم الله عز وجل، فقال: ﴿ إِنَّآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ ﴾ ﴿ كَمَآ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ نُوحٍ وَٱلنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ ﴾، يعنى من بعد نوح: هود وصالح.
﴿ وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإْسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَٱلأَسْبَاطِ ﴾، يعنى بنى يعقوب: يوسف وإخوته، وأوحينا إليهم فى صحف إبراهيم، ثم قال: ﴿ وَ ﴾ أوحينا إلى ﴿ وَعِيسَىٰ وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً ﴾ [آية: ١٦٣]، ليس فيه حد، ولا حكم، ولا فريضة، ولا حلال، ولا حرام، خمسين ومائة سورة، فأخبره الله بهن ليعلموا أنه نبى. فقالت اليهود: ذكر محمد النبيين ولم يبين لنا أمر موسى أكلمه الله أم لم يكلمه؟ فأنزل الله عز وجل فى قول اليهود: ﴿ وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ ﴾، هؤلاء بمكة فى الأنعام وفى غيرها؛ لأن هذه مدنية.
﴿ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ ٱللَّهُ مُوسَىٰ تَكْلِيماً ﴾ [آية: ١٦٤]، يعنى مشافهة، وهو ابن أربعين سنة ليلة النار، ومرة أخرى حين أعطى التوراة.
﴿ رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ ﴾ بالجنة.
﴿ وَمُنذِرِينَ ﴾ من النار ﴿ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى ٱللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ ٱلرُّسُلِ ﴾، فيقولوا يوم القيامة: لم يأتنا لك رسول.
﴿ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً ﴾ [آية: ١٦٥]، حكم إرسال الأنبياء إلى الناس. فقال لهم النبى صلى الله عليه وسلم:" إنكم لتعلمون حق ما أقول، وإنه لفى التوراة، فإن تتوبوا وترجعوا يغفر لكم ذنوبكم "، قالوا: لو كان ما تقول فى التوراة لاتبعناك، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: " والله إنكم لتشهدون بما أقول "، قالوا: ما عندنا بذلك شهادة، قال الله عز وجل: فإن لم يشهد لك أحد منهم، فإن الله وملائكته يشهدون بذلك "، فذلك قوله عز وجل: ﴿ لَّـٰكِنِ ٱللَّهُ يَشْهَدُ بِمَآ أَنزَلَ إِلَيْكَ ﴾ من القرآن.
﴿ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَٱلْمَلاۤئِكَةُ يَشْهَدُونَ ﴾ بذلك.
﴿ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً ﴾ [آية: ١٦٦]، يقول: فلا شاهد أفضل من الله بأنه أنزل عليك القرآن.