قوله تعالى: ﴿يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ ٱلرِّبَا﴾. [٢٧٨].
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن جعفر، أخبرنا أبو عمرو بن حمدان، أخبرنا أبو يعلى، حدَّثنا أحمد بن الأخنس، حدَّثنا محمد بن فضيل، حدَّثنا الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس:
بلغنا - والله أعلم - أن هذه الآية نزلت في بني عمرو بن عمير بن عوف، من ثَقِيف، وفي بني المُغِيرةَ، من بني مَخْزُوم، وكانت بنو المغيرة يُرْبُون لِثَقِيف، فلما أظهر الله تعالى رسوله على مكة وضع يومئذ الربا كلّه فأتى بنو عمرو بن عمير، وبنو المغيرة إلى عَتَّاب بن أسيد، وهو على مكة، فقال بنو المغيرة: ما جعلنا أشقى الناس بالربا؟ وضع عن الناس غيرنا. فقال بنو عمرو بن عمير: صُولِحْنَا على أن لنا رِبَانا. فكتب عتّاب في ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت هذه الاية والتي بعدها: ﴿فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ فعرف بنو عمرو أن لا يَدَانِ لهم بحرب من الله ورسوله. يقول الله تعالى: ﴿وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ﴾ فتأخذون أكثر ﴿وَلاَ تُظْلَمُونَ﴾ فَتُبْخَسُون منه.
وقال عطاء، وعكرمة: نزلت هذه الآية في العباس بن عبد المطلب، وعثمان بن عفان، وكانا قد أسلفا في التمر، فلما حضر الجذاذ قال لهما صاحب التمر: لا يبقى لي ما يكفي عيالي إذا أنتما أخذتما حظّكما كله، فهل لكما أن تأخذا النصف [وتؤخرا النصف] وأضعف لكما؟ ففعلا. فلما حلّ الأجل طلبا الزيادة، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنهاهما وأنزل الله تعالى هذه الآية، فسمعا وأطاعا وأخذا رؤوس أموالهما.
وقال السُّدِّي: نزلت في العباس، وخالد بن الوليد، وكانا شريكين في الجاهلية، يسلفان في الربا، فجاء الإسلام ولهما أموال عظيمة في الربا، فأنزل الله تعالى هذه الآية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا إن كلَّ ربا مِنْ ربا الجاهلية مَوْضُوع وأول ربا أَضَعُهُ ربا العباس بن عبد المطلب.


الصفحة التالية
Icon